. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
الْمَقْصُودِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَمِيلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ إلَى اخْتِيَارِ " صَلَاةِ الصُّبْحِ " وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا ذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي طَرِيقِ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. فَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الْمُعَارَضَةِ. وَعُورِضَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ قَالَ «أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ: أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، ثُمَّ قَالَتْ: إذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ. وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. ثُمَّ قَالَتْ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَرَوَى مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ قَالَ «كُنْتُ أَكْتُبُ مُصْحَفًا لِحَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَتْ: إذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا. فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ» . وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ مِنْهُ: أَنَّهُ عَطَفَ " صَلَاةَ الْعَصْرِ " عَلَى " الصَّلَاةِ الْوُسْطَى " وَالْمَعْطُوفُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُتَغَايِرَانِ.
[مَا رُوِيَ مِنْ الْقُرْآنِ بِطَرِيقِ الْآحَادِ] ١
وَيَقَعُ الْكَلَامُ فِي هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ. وَهُوَ أَنَّ مَا رُوِيَ مِنْ الْقُرْآنِ بِطَرِيقِ الْآحَادِ - إذَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا - فَهَلْ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَخْبَارِ فِي الْعَمَلِ بِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْأَخْبَارِ فِي الْعَمَلِ بِهِ. وَلِهَذَا أَوْجَبَ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ لِلْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ: خِلَافَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا سَبِيلَ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ قُرْآنًا بِطَرِيقِ الْآحَادِ، وَلَا إلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ خَبَرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ.
الثَّانِي: احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلتَّأْوِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَالْعَطْفِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إلَى الْمَلِكِ الْقَرَمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
فَقَدْ وُجِدَ الْعَطْفُ هَاهُنَا مَعَ اتِّحَادِ الشَّخْص. وَعَطْفُ الصِّفَاتِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَرُبَّمَا سَلَكَ بَعْضُ مَنْ رَجَّحَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الصُّبْحِ: طَرِيقَةً أُخْرَى وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ قَرِينَةُ قَوْله تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] مِنْ كَوْنِهَا " الصُّبْحُ " الَّذِي فِيهِ الْقُنُوتُ. وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute