للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٠ - الْحَدِيثُ السَّابِعُ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ. وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ. وَفِي لَفْظٍ كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ هَدْيًا هَلْ يَكْفِيهِ مِثْلُ هَذَا، أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ لَفْظِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ لَفْظُ " الْهَدْيِ " مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِهَذَا، وَيُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ ذَكَرْنَاهُ هَهُنَا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَفْظُ " الْبَدَنَةِ " فِي هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهَا أَنَّهَا مُنْطَلِقَةٌ عَلَى الْإِبِلِ مَخْصُوصَةٌ بِهَا، لِأَنَّهَا قُوبِلَتْ بِالْبَقَرِ وَبِالْكَبْشِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقِسْمُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ قَسِيمًا وَمُقَابِلًا لَهُ. وَقِيلَ: إنَّ اسْمَ " الْبَدَنَةِ " يَنْطَلِقُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لَكِنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِي الْإِبِلِ أَغْلَبُ. نَقَلَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا: مَا إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْإِبِلِ لَفْظًا وَلَا نِيَّةً، وَكَانَتْ الْإِبِلُ مَوْجُودَةً فَهَلْ تَتَعَيَّنُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ:

أَحَدُهُمَا: التَّعَيُّنُ لِأَنَّ لَفْظَ " الْبَدَنَةِ " مَخْصُوصَةٌ بِالْإِبِلِ، أَوْ غَالِبَةٌ فِيهِ. فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهَا بَقَرَةٌ أَوْ سَبْعٌ مِنْ الْغَنَمِ، حَمْلًا عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ الشَّرْعِ مِنْ إقَامَتِهَا مَقَامَهَا. وَالْأَوَّلُ: أَقْرَبُ. وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِبِلُ، فَقِيلَ: يَصْبِرُ إلَى أَنْ تُوجَدَ، وَقِيلَ: يَقُومُ مَقَامَهَا الْبَقَرَةُ.

[حَدِيثُ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ]

وَقْتُ الْجُمُعَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: وَقْتُ الظُّهْرِ، فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ: جَوَازُهَا قَبْلَهُ، وَرُبَّمَا يُتَمَسَّكُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ الزَّوَالِ الْخُطْبَتَانِ وَالصَّلَاةُ، مَعَ مَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ» وَذَلِكَ يَقْتَضِي زَمَانًا يَمْتَدُّ فِيهِ الظِّلُّ، فَحَيْثُ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ مِنْهَا. وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ يُسْتَظَلُّ بِهِ، فَرُبَّمَا اقْتَضَى ذَلِكَ: أَنْ تَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>