للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» وَفِي لَفْظٍ «حَتَّى يَقْبِضَهُ» .

٢٦٩ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ.

٢٧٠ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثٌ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ]

هَذَا نَصٌّ فِي مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى. وَمَالِكٌ خَصَّصَ الْحُكْمَ بِهِ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ التَّوْفِيَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ. وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالطَّعَامِ، بَلْ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا عِنْدَهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يُجِيزُ بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ مَمْلُوكًا بِجِهَةِ الْبَيْعِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَمْنُوعُ هُوَ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ مَا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا بِجِهَةِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ مَثَلًا. وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَدْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِعُقُودِ غَيْرِ الْبَيْعِ. مِنْهَا: الْعِتْقُ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يَنْفُذُ، إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، بِأَنْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا. فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، فَقِيلَ: هُوَ كَعِتْقِ الرَّاهِنِ. وَقِيلَ: لَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ. وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: الْمَنْعُ. وَكَذَلِكَ فِي التَّزْوِيجِ خِلَافٌ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: خِلَافُهُ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ. وَأَجَازَهُمَا مَالِكٌ مَعَ الْإِقَالَةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَالتَّوْلِيَةَ بَيْعٌ. فَيَدْخُلَانِ تَحْتَ الْحَدِيثِ. وَفِي كَوْنِ الْإِقَالَةِ بَيْعًا: خِلَافٌ فَمَنْ لَا يَرَاهَا بَيْعًا لَا يُدْرِجُهَا تَحْتَ الْحَدِيثِ.

وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى ذَلِكَ مَالِكٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُهُ فِيهَا حَدِيثًا يَقْتَضِي الرُّخْصَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>