للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ النَّذْرِ

٣٦٨ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً - وَفِي رِوَايَةٍ: يَوْمًا - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟ قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ.»

ــ

[إحكام الأحكام]

الْفَانِيَةِ قَطْعًا، وَالْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى: أَعْظَمُ ضَرَرًا بِمَا لَا يُحْصَى، وَقَدْ يَكُونُ أَعْظَمُ الضَّرَرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ مُسَاوِيًا أَوْ مُقَارِبًا لِأَخَفِّهِمَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْقِيقِ. وَمَقَادِيرُ الْمَفَاسِدِ وَالْمَصَالِحِ وَأَعْدَادُهُمَا: أَمْرٌ لَا سَبِيلَ لِلْبَشَرِ إلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى حَقَائِقِهِ.

[بَابُ النَّذْرِ]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَالنُّذُورُ ثَلَاثَةُ أَقْسَام:

أَحَدُهَا: مَا عُلِّقَ عَلَى وُجُودِ نِعْمَةٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ فَوُجِدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ.

وَالثَّانِي: مَا عُلِّقَ عَلَى شَيْءٍ لِقَصْدِ الْمَنْعِ أَوْ الْحَثِّ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَهَذَا الَّذِي يُسَمَّى " نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ ".

وَالثَّالِثُ: مَا يُنْذَرُ مِنْ الطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ " لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا " فَالْمَشْهُورُ: وُجُوبُ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي أَرَدْنَاهُ بِقَوْلِنَا " النَّذْرُ الْمُطْلَقُ " وَأَمَّا مَا لَمْ يُذْكَرْ مَخْرَجُهُ، كَقَوْلِهِ " لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ " هَذَا هُوَ الَّذِي يَقُولُ مَالِكٌ: إنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.

١ -

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ قُرْبَةٌ تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ. وَقَدْ تَصَرَّفَ الْفُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةُ فِيمَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مِنْ الْعِبَادَاتِ. وَلَيْسَ كُلُّ مَا هُوَ عِبَادَةٌ مُثَابٌ عَلَيْهِ لَازِمًا بِالنَّذْرِ عِنْدَهُمْ، فَتَكُونُ فَائِدَةُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: أَنَّ الِاعْتِكَافَ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ.

١ -

وَفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ: عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِكَافِ لِقَوْلِهِ " لَيْلَةً " وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ وَقَدْ أُوِّلَ قَوْلُهُ " لَيْلَةً " عَلَى الْيَوْمِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ بِاللَّيْلَةِ عَنْ الْيَوْمِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>