للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ]

الْجُبَارُ " الْهَدَرُ وَمَا لَا يُضْمَنُ وَ " الْعَجْمَاءُ " الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ. وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ " وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي: أَنَّ جُرْحَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ بِنَصِّهِ.

فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ: جِنَايَاتُهَا عَلَى الْأَبْدَانِ وَالْأَمْوَالِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ: الْجِنَايَةُ عَلَى الْأَبْدَانِ فَقَطْ. وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ الْجُرْحِ. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَمْ يَقُولُوا بِهَذَا الْعُمُومِ، أَمَّا جِنَايَاتُهَا عَلَى الْأَمْوَالِ: فَقَدْ فُصِّلَ فِي الْمَزَارِعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمَالِكِ ضَمَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَأَمَّا جِنَايَاتُهَا عَلَى الْأَبْدَانِ: فَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهَا إذَا كَانَ مَعَهَا الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ، وَفَصَّلُوا فِيهِ الْقَوْلَ، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. فَلَمْ يَقُولُوا بِالْعُمُومِ فِي إهْدَارِ جِنَايَاتِهَا، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ جِنَايَتَهَا هَدَرٌ، إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمَالِ، أَوْ مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ، وَيُنْزَلُ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ.

[مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالرِّكَازِ] ١

وَأَمَّا الرِّكَازُ: فَالْمَعْرُوفُ فِيهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ: الْخُمْسُ بِنَصِّهِ. وَفِي مَصْرِفِهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ:

أَحَدُهُمَا: إلَى أَهْلِ الزَّكَاةِ. وَالثَّانِي: إلَى أَهْلِ الْفَيْءِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ. وَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالرِّكَازِ يُمْكِنُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ الْحَدِيثِ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الرِّكَازَ هَلْ يَخْتَصُّ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِمَا؟ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ. وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ مَنْ يُجْرِيهِ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ. وَجَدِيدُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَخْتَصُّ. الثَّانِيَةُ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّكَازِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ.

الثَّالِثَةُ: يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَوْلُ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الرِّكَازِ. وَلَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، كَالْغَنِيمَةِ وَالْمُعَشَّرَاتِ. وَلَهُ فِي الْمَعْدِنِ اخْتِلَافُ قَوْلٍ فِي اعْتِبَارِ الْحَوْلِ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ الرِّكَازَ يَحْصُلُ جُمْلَةً، مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ. وَالنَّمَاءُ فِيهِ مُتَكَامِلٌ. وَمَا تَكَامَلَ فِيهِ النَّمَاءُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ. فَإِنَّ الْحَوْلَ مُدَّةٌ مَضْرُوبَةٌ لِتَحْصِيلِ النَّمَاءِ. وَفَائِدَةُ الْمَعْدِنِ تَحْصُلُ بِكَدٍّ وَتَعَبٍ شَيْئًا فَشَيْئًا. فَيُشْبِهُ أَرْبَاحَ التِّجَارَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَوْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>