للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٤ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَالَ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا»

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيث أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ]

يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يُرَجِّحُ النِّكَاحَ عَلَى التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَصَدُوا هَذَا الْقَصْدَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنَّ خِلَافَهُ: رَغْبَةٌ عَنْ السُّنَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنَطُّعِ، وَالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ اللَّحْمَ - مَثَلًا - يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَقْصُودِهِ، فَإِنَّ كَانَ مَنْ بَابِ الْغُلُوِّ وَالتَّنَطُّعِ، وَالدُّخُولِ فِي الرَّهْبَانِيَّةِ: فَهُوَ مَمْنُوعٌ، مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَنْ تَرَكَهُ تَوَرُّعًا لِقِيَامِ شُبْهَةٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي اللُّحُومِ، أَوْ عَجْزًا، أَوْ لِمَقْصُودٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا.

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ النِّكَاحِ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا شَكّ أَنَّ التَّرْجِيحَ يَتْبَعُ الْمَصَالِحَ، وَمَقَادِيرُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ أَعْلَمُ بِتِلْكَ الْمَقَادِيرِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُكَلَّفُ حَقِيقَةَ تِلْكَ الْمَصَالِحِ، وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ أَعْدَادَهَا: فَالْأَوْلَى اتِّبَاعُ اللَّفْظِ الْوَارِدِ فِي الشَّرْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>