اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ - قَالَهَا ثَلَاثًا» .
٤١٣ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ فِي سَفَرِهِ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟ فَقَالُوا: ابْنُ الْأَكْوَعِ فَقَالَ: لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ]
الشَّافِعِيُّ: يَرَى اسْتِحْقَاقَ الْقَاتِلِ لِلسَّلَبِ حُكْمًا شَرْعِيًّا بِأَوْصَافٍ مَذْكُورَةٍ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَمَالِكٌ، وَغَيْرُهُ: يَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْعِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِصَرْفِ الْإِمَامِ إلَيْهِ نَظَرًا، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِقَاعِدَةٍ، وَهُوَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَمْثَالِ هَذَا: إذَا تَرَدَّدَتْ بَيْنَ التَّشْرِيعِ، وَالْحُكْمِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِهِ وُلَاةُ الْأُمُورِ: هَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّشْرِيعِ أَوْ عَلَى الثَّانِي؟ ، وَالْأَغْلَبُ: حَمْلُهُ عَلَى التَّشْرِيعِ، إلَّا أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ قُوَّةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مِنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ - أَعْنِي التَّشْرِيعَ الْعَامَّ، وَإِعْطَاءَ الْقَاتِلِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ السَّلَبَ تَنْفِيلًا - فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الثَّانِي: فَظَاهِرٌ، وَإِنْ ظَهَرَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَغْلَبِ - وَهُوَ التَّشْرِيعُ الْعَامُّ - فَقَدْ جَاءَتْ أُمُورٌ فِي أَحَادِيثَ تُرَجِّحُ الْخُرُوجَ عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ مِثْلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَمَا أَمَرَ أَنْ يُعْطَى السَّلَبُ قَاتِلًا، فَقَابَلَ هَذَا الْقَاتِلُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِكَلَامٍ - قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ " لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ " فَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِأَصْلِ التَّشْرِيعِ: لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ بِسَبَبِ كَلَامِهِ لِخَالِدٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فَلَمَّا كَلَّمَ خَالِدًا بِمَا يُؤْذِيهِ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ بِمَنْعِهِ، نَظَرًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَائِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute