. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
يَمْنَعُ " أَوْ مَا يُقَارِبُهُ وَلَا يَعُودُ " مِنْكَ " إلَى الْجَدِّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: حَظِّي مِنْكَ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ، بِمَعْنَى عِنَايَتُكَ بِي، أَوْ رِعَايَتُكَ لِي. فَإِنَّ ذَلِكَ نَافِعٌ. وَفِي أَمْرِ مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ. الْمُبَادَرَةُ إلَى امْتِثَالِ السُّنَنِ وَإِشَاعَتِهَا، وَفِيهِ جَوَازُ الْعَمَلِ بِالْمُكَاتَبَةِ بِالْأَحَادِيثِ، وَإِجْرَائِهَا مَجْرَى الْمَسْمُوعِ، وَالْعَمَلِ بِالْخَطِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إذَا أُمِنَ تَغْيِيرُهُ. وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ. وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادٍ لَا تُحْصَى، كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ " عَنْ قِيلَ وَقَالَ " الْأَشْهَرُ فِيهِ: بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ. وَهَذَا النَّهْيُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْكَثْرَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهَا وُقُوعُ الْخَطَلِ وَالْخَطَأِ، وَالتَّسَبُّبُ إلَى وُقُوعِ الْمَفَاسِدِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَالْإِخْبَارُ بِالْأُمُورِ الْبَاطِلَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ " كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا: أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَكُونُ إمَامًا مَنْ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.
[إضَاعَةُ الْمَالِ] ١
وَأَمَّا " إضَاعَةُ الْمَالِ " فَحَقِيقَتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا: بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ أَوْ دُنْيَوِيَّةٍ. وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْأَمْوَالَ قِيَامًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ. وَفِي تَبْذِيرِهَا تَفْوِيتٌ لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ، إمَّا فِي حَقِّ مُضَيِّعِهَا، أَوْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَأَمَّا بَذْلُهُ وَكَثْرَةُ إنْفَاقِهِ فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْأُخْرَى فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَقَدْ قَالُوا: لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ. وَأَمَّا إنْفَاقُهُ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا، وَمَلَاذِّ النَّفْسِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ، وَقَدْرِ مَالِهِ: فَفِي كَوْنِهِ سَفَهًا خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ سَفَهٌ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَيْسَ بِسَفَهٍ. لِأَنَّهُ يُقَوِّمُ بِهِ مَصَالِحَ الْبَدَنِ وَمَلَاذِّهِ، وَهُوَ غَرَضٌ صَحِيحٌ. وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَالْأَشْهَرُ فِي مِثْلِ هَذَا: أَنَّهُ مُبَاحٌ، أَعْنِي إذَا كَانَ الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ. وَقَدْ نُوزِعَ فِيهِ. .
[كَثْرَةُ السُّؤَالِ] ١
وَأَمَّا " كَثْرَةُ السُّؤَالِ " فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَاجِعًا إلَى الْأُمُورِ الْعِلْمِيَّةِ. وَقَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَ تَكَلُّفَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ " وَفِي حَدِيثِ اللِّعَانِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا. فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute