١٠٢ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ صَنَعَ ذَلِكَ؟ فَسَأَلُوهُ. فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَخْبِرُوهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
الشَّيْءِ مُسْتَحَبًّا وَبَيْنَ كَوْنِ تَرْكِهِ مَكْرُوهًا. وَحَدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ الْمُتَقَدِّمُ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ إسْلَامِهِ، لَمَّا قَدِمَ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى. وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْأَحَادِيثِ قَلِيلٌ - أَعْنِي: التَّحَمُّلَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالْأَدَاءَ بَعْدَهُ.
[حَدِيثُ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ فَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ]
قَوْلُهَا " فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِغَيْرِهَا. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] مَعَ غَيْرِهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَيَخْتِمُ بِهَا فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَخْتِمُ بِهَا فِي آخِرِ رَكْعَةٍ يَقْرَأُ فِيهَا السُّورَةَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَزِيدَ الْفَاتِحَةَ مَعَهَا. وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ: أَنَّ فِيهَا ذِكْرَ صِفَةِ الرَّحْمَنِ، كَمَا إذَا ذُكِرَ وَصْفٌ فَعُبِّرَ عَنْ ذَلِكَ الذِّكْرِ بِأَنَّهُ الْوَصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الذِّكْرُ نَفْسَ الْوَصْفِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. وَلَعَلَّهَا خُصَّتْ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِهَا بِصِفَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى دُونَ غَيْرِهَا. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ» يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِمَحَبَّتِهِ: قِرَاءَةَ هَذِهِ السُّورَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا شَهِدَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِذِكْرِ صِفَاتِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، وَصِحَّةِ اعْتِقَادِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute