للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

الدَّلَالَةَ أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ، أَوْ إلَى أَمْرٍ لَوْ جُرِّدَ النَّظَرُ إلَيْهِ لَثَبَتَ الْحُكْمُ، وَذَلِكَ لَا يَنْفِي وُجُودَ الْمُعَارِضِ. نَعَمْ لَوْ اسْتَدَلَّ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، لَكَانَتْ الدَّلَالَةُ مُنْتَفِيَةً. وَقَدْ يُطْلَقُ الدَّلِيلُ عَلَى الدَّلِيلِ التَّامِّ الَّذِي يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ. وَالْأَوْلَى: أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي دَلَالَةِ أَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ. وَمَنْ ادَّعَى الْمُعَارِضَ الرَّاجِحَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ.

[وُجُوب التَّكْبِيرِ]

الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ: اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " فَكَبِّرْ " عَلَى وُجُوبِ التَّكْبِيرِ بِعَيْنِهِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُ فِيهِ، وَيَقُولُ: إذَا أَتَى بِمَا يَقْتَضِي التَّعْظِيمَ، كَقَوْلِهِ " اللَّهُ أَجَلُّ " أَوْ " أَعْظَمُ " كَفَى. وَهَذَا نَظَرٌ مِنْهُ إلَى الْمَعْنَى، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّعْظِيمُ، فَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ. وَغَيْرُهُ اتَّبَعَ اللَّفْظَ. وَظَاهِرُهُ تَعْيِينُ التَّكْبِيرِ. وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ مَحَلُّ التَّعَبُّدَاتِ. وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فِيهَا. فَالِاحْتِيَاطُ فِيهَا الِاتِّبَاعُ. وَأَيْضًا: فَالْخُصُوصُ قَدْ يَكُونُ مَطْلُوبًا، أَعْنِي خُصُوصَ التَّعْظِيمِ بِلَفْظِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " وَهَذَا لِأَنَّ رُتَبَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ مُخْتَلِقَةٌ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ فَقَدْ لَا يَتَأَدَّى بِرُتْبَةِ مَا يَقْصِدُ مِنْ أُخْرَى، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا: أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْمَعْنَى مَفْهُومًا. فَقَدْ يَكُونُ التَّعَبُّدُ وَاقِعًا فِي التَّفْصِيلِ، كَمَا أَنَّا نَفْهَمُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرُّكُوعِ التَّعْظِيمُ بِالْخُضُوعِ، وَلَوْ أَقَامَ مَقَامَهُ خُضُوعًا آخَرَ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ. وَيَتَأَيَّدُ هَذَا بِاسْتِمْرَارِ الْعَمَلِ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ، أَعْنِي " اللَّهُ أَكْبَرُ ". وَأَيْضًا: فَقَدْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ كُلَّ عِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ تَعُودُ عَلَى النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ أَوْ التَّخْصِيصِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَيَخْرُجُ عَلَى هَذَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَإِنَّهُ إذَا اُسْتُنْبِطَ مِنْ النَّصِّ أَنَّ الْمَقْصُودَ مُطْلَقُ التَّعْظِيمِ بَطَلَ خُصُوصُ التَّكْبِيرِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ قَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهَا نَظَرًا وَتَفْصِيلًا. وَعَلَى تَقْدِيرِ تَقْرِيرِهَا مُطْلَقًا يَخْرُجُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

[الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاةِ] ١

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ إذَا تَيَسَّرَ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ، فَقَارِئُهُ يَكُونُ مُمْتَثِلًا، فَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ. وَاَلَّذِينَ عَيَّنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>