. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ
[طَلَبَ الْغَنِيِّ لِلْوَرَثَةِ رَاجِحٌ عَلَى تَرْكِهِمْ فُقَرَاءَ] ١
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الْغَنِيِّ لِلْوَرَثَةِ رَاجِحٌ عَلَى تَرْكِهِمْ فُقَرَاءَ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَمِنْ هَذَا: أَخَذَ بَعْضُهُمْ اسْتِحْبَابَ الْغَضِّ مِنْ الثُّلُثِ، وَقَالُوا أَيْضًا: يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ الْمَالِ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، مِنْ تَرْكِ الْوَرَثَةِ أَغْنِيَاءً
[الثَّوَابَ فِي الْإِنْفَاقِ مَشْرُوطٌ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ]
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ فِي الْإِنْفَاقِ: مَشْرُوطٌ بِصِحَّةِ النِّيَّةِ فِي ابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ وَهَذَا دَقِيقٌ عَسِرٌ، إذَا عَارَضَهُ مُقْتَضَى الطَّبْعِ وَالشَّهْوَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ مِنْ الثَّوَابِ، حَتَّى يَبْتَغِيَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ. وَيَشُقُّ تَخْلِيصُ هَذَا الْمَقْصُودِ مِمَّا يَشُوبُهُ مِنْ مُقْتَضَى الطَّبْعِ وَالشَّهْوَةِ
١ -
وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةَ إذَا أُدِّيَتْ عَلَى قَصْدِ الْوَاجِبِ وَابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ: أُثِيبَ عَلَيْهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ " حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ " لَا تَخْصِيصَ لَهُ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ، وَلَفْظَةُ " حَتَّى " هَهُنَا تَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْأَجْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُغَيَّا، كَمَا يُقَالُ: جَاءَ الْحَاجُّ حَتَّى الْمُشَاةُ، وَمَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: سَبَبُ هَذَا: مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي غَيْرَهُ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى تَحْصِيلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ، مِنْ أَنَّ إنْفَاقَ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَإِطْعَامَهُ إيَّاهَا، وَاجِبًا أَوْ غَيْرَ وَاجِبٍ: لَا يُعَارِضُ تَحْصِيلَ الثَّوَابِ إذَا ابْتَغَى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ، لَمَّا أَرَادَتْ الْإِنْفَاقَ مِنْ عِنْدِهَا، وَقَالَتْ " لَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ " وَتَوَهَّمَتْ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ عَنْهَا، وَأُزِيلَ الْوَهْمُ نَعَمْ فِي مِثْلِ هَذَا يُحْتَاجُ إلَى النَّظَرِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ خَاصَّةٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، أَمْ تَكْفِي نِيَّةٌ عَامَّةٌ؟ وَقَدْ دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِأَصْلِ النِّيَّةِ وَعُمُومِهَا فِي بَابِ الْجِهَادِ، حَيْثُ قَالَ " لَوْ مَرَّ بِنَهْرٍ، وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، فَشَرِبَتْ: كَانَ لَهُ أَجْرٌ " أَوْ كَمَا قَالَ: فَيُمْكِنُ أَنْ يُعَدَّى هَذَا إلَى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ فَيُكْتَفَى بِنِيَّةٍ مُجْمَلَةٍ أَوْ عَامَّةٍ وَلَا يُحْتَاجُ فِي الْجُزْئِيَّاتِ إلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ إلَخْ " تَسْلِيَةٌ لِسَعْدٍ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ لِلتَّخَلُّفِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ الَّذِي وَقَعَ لَهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَلَمُّحِ هَذَا الْمَعْنَى، حَيْثُ تَقَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute