الْحَدِيثُ السَّابِعُ: عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» .
١٦٣ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا إنْ تَكُ صَالِحَةً: فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا]
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجِنَازَةَ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا " وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا " فَإِنَّ الْعَزِيمَةَ دَالَّةٌ عَلَى التَّأْكِيدِ. وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ: أَنَّ الْعَزِيمَةَ مَا أُبِيحَ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامِ دَلِيلِ الْمَنْعِ. وَأَنَّ الرُّخْصَةَ: مَا أُبِيحَ مَعَ قِيَامِ دَلِيلِ الْمَنْعِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَالُ اللُّغَوِيُّ مِنْ إشْعَارِ الْعَزْمِ بِالتَّأْكِيدِ. فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يَقُومُ دَلِيلُ الْحَظْرِ عَلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى التَّشْدِيدِ فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ أَوْ بَعْضِهِنَّ لِلْجَنَائِزِ، أَكْثَرُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ. كَالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِي فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعُلُوِّ مَنْصِبِهَا. وَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي عُمُومِ النِّسَاءِ أَوْ يَكُونُ الْحَدِيثَانِ مَحْمُولَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَاتِ النِّسَاءِ. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ اتِّبَاعَهُنَّ لِلْجَنَائِزِ، وَكَرِهَهُ لِلشَّابَّةِ فِي الْأَمْرِ الْمُسْتَنْكَرِ. وَخَالَفَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَرِهَهُ مُطْلَقًا، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute