٣٢٢ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا عَلَى زَوْجٍ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ. وَلَا تَكْتَحِلُ. وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا إذَا طَهُرَتْ: نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَقَوْلُهُ " لِامْرَأَةٍ " عَامٌّ فِي النِّسَاءِ. تَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْأَمَةُ. وَفِي دُخُولِ الصَّغِيرَةِ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ نَظَرٌ. فَإِنْ وَجَبَ مِنْ غَيْرِ دُخُولِهِ تَحْتَ اللَّفْظِ فَبِدَلِيلٍ آخَرَ وَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ: فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " فَمِنْ هَهُنَا خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ - مِمَّنْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْإِحْدَادَ -: بِأَنَّ هَذَا التَّخْصِيصَ لَهُ سَبَبٌ. وَالتَّخْصِيصُ إذَا كَانَ لِفَائِدَةٍ أَوْ سَبَبٍ - غَيْرِ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ - لَمْ يَدُلَّ عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فِي السَّبَبِ فِي ذَلِكَ: إنَّ الْمُسْلِمَةَ هِيَ الَّتِي تَسْتَثْمِرُ خِطَابَ الشَّارِعِ، وَتَنْتَفِعُ بِهِ، وَتَنْقَادُ لَهُ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِهِ. وَغَيْرُ هَذَا أَقْوَى مِنْهُ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ هَذَا الْوَصْفَ لِتَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ، لِمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُهُ وَمَفْهُومُهُ، مِنْ أَنَّ خِلَافَهُ مُنَافٍ لِلْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْكِيدَ أَمْرِ التَّوَكُّلِ بِرَبْطِهِ بِالْإِيمَانِ، وَكَمَا يُقَالُ: إنْ كُنْتَ وَلَدِي فَافْعَلْ كَذَا.
وَأَصْلُ لَفْظَةِ " الْإِحْدَادِ " مِنْ مَعْنَى الْمَنْعِ وَيُقَالُ: حَدَّتْ تُحِدُّ إحْدَادًا وَحَدَّتْ تَحَدُّ - بِفَتْحِ الْحَاءِ فِي الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ - وَعَنْ الْأُصْبُعِيِّ: أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا " أَحَدَّتْ " رُبَاعِيًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
١ -
وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَى الْأَمَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ، لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَتَخْصِيصِ مَنْعِ الْإِحْدَادِ بِمَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا. وَاقْتَضَى مَفْهُومُهُ: أَنْ لَا إحْدَادَ إلَّا لِمَنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ]
" الْعَصْبُ " ثِيَابٌ مِنْ الْيَمَنِ فِيهَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute