للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٦ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ. وَانْتَهَى وِتْرُهُ إلَى السَّحَرِ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

لَمْ يَشْفَعْهُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ تَنَفَّلَ، فَهَلْ يُعِيدُ الْوِتْرَ أَخِيرًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمَالِكِيَّةِ. فَيُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْحَدِيثِ بَعْدَ تَقْدِيمِ مُقَدِّمَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا. أَمَّا مَنْ قَالَ، إنَّهُ يَشْفَعُ وِتْرَهُ فَيَقُولُ: الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ آخِرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا. وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ قَبْلَهُ وِتْرٌ، لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ " لَا وِتْرَانِ فِي اللَّيْلَةِ " فَلَزِمَ عَنْ ذَلِكَ: أَنْ يَشْفَعَ الْوِتْرَ الْأَوَّلَ. فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَشْفَعْهُ وَأَعَادَ الْوِتْرَ، لَزِمَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْوِتْرَ، لَمْ يَكُنْ آخِرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا يَشْفَعُ وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ: فَلِأَنَّهُ مَنَعَ أَنْ يَنْعَطِفَ حُكْمُ صَلَاةٍ عَلَى أُخْرَى بَعْدَ السَّلَامِ وَالْحَدِيثِ، وَطُولِ الْفَصْلِ، إنْ وَقَعَ ذَلِكَ. فَإِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُمَا وِتْرَانِ، وَلَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ، فَامْتَنَعَ الشَّفْعُ. وَامْتَنَعَ إعَادَةُ الْوِتْرِ أَخِيرًا، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُخَالِفَةُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا " وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِأَصْلِ الْوِتْرِ كَذَلِكَ، وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ أَوْلَى مِنْ ارْتِكَابِ الْمَكْرُوهِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْإِعَادَةِ: فَهُوَ أَيْضًا مَانِعٌ مِنْ شَفْعِ الْوِتْرِ لِلْأَوَّلِ مُحَافَظَةً عَلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا " وَيَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ قَوْلِهِ " لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ". وَاعْلَمْ أَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى. وَهُوَ أَنَّ التَّنَفُّلَ بِرَكْعَةٍ فَرْدَةٍ: هَلْ يُشْرَعُ؟ فَعَلَيْكَ بِتَأَمُّلِهِ.

[حَدِيثُ مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْوِتْرِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، أَوْ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>