يَغْسِلْهُ» ٢٥ - وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ وَلِمُسْلِمٍ فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ أُمِّ قَيْسِ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ]
الْكَلَامُ عَلَيْهِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَطْعَمْ الطَّعَامَ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي طَهَارَتِهِ أَوْ نَجَاسَتِهِ، وَلَا تَرَدُّدَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي أَنَّهُ نَجِسٌ، وَالْقَائِلُونَ بِالنَّجَاسَةِ، اخْتَلَفُوا فِي تَطْهِيرِهِ: هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغَسْلِ أَمْ لَا؟ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغَسْلِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ الرَّشُّ وَالنَّضْحُ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى غَسْلِهِ كَغَيْرِهِ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنَّضْحِ وَعَدَمِ الْغَسْلِ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهَا " وَلَمْ يَغْسِلْهُ " وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا غَسْلَهُ: اتَّبَعُوا الْقِيَاسَ عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ.
وَقَوْلُهَا " وَلَمْ يَغْسِلْهُ " أَيْ غَسْلًا مُبَالَغًا فِيهِ كَغَيْرِهِ.، وَهُوَ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ مُحْتَاجٌ إلَى دَلِيلٍ يُقَاوِمُ هَذَا الظَّاهِرَ، وَيُبْعِدُهُ أَيْضًا: مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ فَإِنَّ الْمُوجِبِينَ لِلْغَسْلِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا فَرَّقَ فِي الْحَدِيثِ بَيْنَ النَّضْحِ فِي الصَّبِيِّ، وَالْغَسْلِ فِي الصَّبِيَّةِ: كَانَ ذَلِكَ قَوِيًّا فِي أَنَّ النَّضْحَ غَيْرُ الْغَسْلِ، إلَّا أَنْ يَحْمِلُوا ذَلِكَ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ تَأْوِيلِهِمْ الْأَوَّلِ وَهُوَ إنَّمَا يُفْعَلُ فِي بَوْلِ الصَّبِيَّةِ أَبْلَغُ مِمَّا يُفْعَلُ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ، فَسُمِّيَ الْأَبْلَغُ " غَسْلًا " وَالْأَخَفُّ " نَضْحًا "، وَاعْتَلَّ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنَّ بَوْلَ الصَّبِيِّ يَقَعُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَبَوْلَ الصَّبِيَّةِ يَقَعُ مُنْتَشِرًا، فَيَحْتَاجُ إلَى صَبِّ الْمَاءِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الصَّبِيِّ، وَرُبَّمَا حَمْلَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ " النَّضْحِ " فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ عَلَى الْغَسْلِ، وَتَأَيَّدَ بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ " مَدِينَةٍ يَنْضَحُ الْبَحْرُ بِجَوَانِبِهَا " وَهَذَا ضَعِيفٌ لِوَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute