. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
الطَّرَفَيْنِ خُرُوجٌ عَنْهُ أَمَّا التَّطْوِيلُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ: فَإِضْرَارٌ بِالْمَأْمُومِينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِعِلَّتِهِ. وَأَمَّا التَّقْصِيرُ عَنْ الْإِتْمَامِ: فَبَخْسٌ لِحَقِّ الْعِبَادَةِ. وَلَا يُرَادُ بِالتَّقْصِيرِ هَاهُنَا: تَرْكُ الْوَاجِبَاتِ. فَإِنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ مُوجِبٌ لِلنَّقْصِ الَّذِي يَرْفَعُ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - التَّقْصِيرُ عَنْ الْمَسْنُونَاتِ، وَالتَّمَامُ بِفِعْلِهَا.
وَالْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ خَرَّجَهُ مِنْ طُرُقٍ:
مِنْهَا رِوَايَةُ وُهَيْبٍ، وَأَكْثَرُ أَلْفَاظِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هِيَ رِوَايَةُ وُهَيْبٍ. وَفِي آخِرِهَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ " وَإِذَا رَفَعَ - رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ - جَلَسَ، وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ " وَفِي رِوَايَةِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ: لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» .
الثَّانِي: مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، وَيُقَال: ابْنُ الْحَارِثِ، وَيُقَالُ: حُوَيْرِثَةُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ - أَحَدُ مَنْ سَكَنَ الْبَصْرَةَ مِنْ الصَّحَابَةِ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ. وَيُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَانَ.
وَشَيْخُهُمْ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ أَبُو بُرَيْدٍ - بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ - عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ - بِكَسْرِ اللَّامِ - الْجَرْمِيُّ - بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ.
الثَّالِثُ: قَوْلُ " إنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ " أَيْ أُصَلِّي صَلَاةَ التَّعْلِيمِ، لَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ ذَلِكَ. فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّشْرِيكِ فِي الْعَمَلِ.
الرَّابِعُ: قَوْلُهُ " أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي ". يَدُلُّ عَلَى الْبَيَانِ بِالْفِعْلِ. وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْبَيَانِ بِالْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيَانُ بِالْقَوْلِ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى آحَادِ الْأَفْعَالِ إذَا كَانَ الْقَوْلُ نَاصًّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا.
[جِلْسَة الِاسْتِرَاحَةِ عَقِيبَ الْفَرَاغِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ] ١
الْخَامِسُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ عَقِيبَ الْفَرَاغِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ. فَقَالَ بِهَا الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَأَبَاهَا مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَدِلُّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ