للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٦ - الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ

ــ

[إحكام الأحكام]

فَإِنَّ الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنْهُ: إنَّمَا هُوَ الْوَضْعُ لَا الرَّفْعُ، فَيَقِلُّ الْعَمَلُ الَّذِي تُوُهِّمَ مِنْ الْحَدِيثِ. وَلَقَدْ وَقَعَ لِي أَنَّ هَذَا حَسَنٌ. فَإِنَّ لَفْظَةَ " وَضْعٍ " لَا تُسَاوِي " حَمْلٍ " فِي قَضَاءِ فِعْلِ الْفَاعِلِ. فَإِنَّا نَقُولُ لِبَعْضِ الْحَوَامِلِ " حَمَلَ كَذَا " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فِعْلُ الْحَمْلِ. وَلَا يُقَالُ " وَضَعَ " إلَّا بِفِعْلٍ حَتَّى نَظَرْتُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ. فَوَجَدْتُ فِيهِ " فَإِذَا قَامَ أَعَادَهَا " وَهَذَا يَقْتَضِي الْفِعْلَ ظَاهِرًا.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: وَهُوَ مُعْتَمَدُ بَعْضِ مُصَنِّفِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ إنَّمَا يَفْسُدُ إذَا وَقَعَ مُتَوَالِيًا، وَهَذِهِ الْأَفْعَالُ قَدْ لَا تَكُونُ مُتَوَالِيَةً. فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً. وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي الْأَرْكَانِ - لَا سِيَّمَا فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكُونُ فَاصِلَةً. وَلَا شَكَّ أَنَّ مُدَّةَ الْقِيَامِ طَوِيلَةٌ فَاصِلَةٌ. وَهَذَا الْوَجْهُ إنَّمَا يَخْرُجُ بِهِ إشْكَالُ كَوْنِهِ عَمَلًا كَثِيرًا، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمُطْلَقِ الْحَمْلِ.

[تَعَارُض الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فِي النَّجَاسَاتِ] ١

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ النَّظَرُ إلَى الْإِشْكَالِ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةِ - فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ فِي النَّجَاسَاتِ. وَرَجَّحَ هَذَا الْحَدِيثُ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ وَصَحَّ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى هَذَا. قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَثَوْبُ أُمَامَةَ ثَوْبُ صَبِيٍّ وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ هَذِهِ حَالَةٌ فَرْدَةٌ.

وَالثَّانِي يَعْتَادُونَ تَنْظِيفَ الصِّبْيَانِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَتَنْظِيفَ ثِيَابِهِمْ عَنْ الْأَقْذَارِ. وَحِكَايَاتُ الْأَحْوَالِ لَا عُمُومَ لَهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَقَعَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا التَّنْظِيفُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ " وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ " هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي نَسَبِهِ عِنْدَ أَهْلِ النَّسَبِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ لِأَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ " فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ جَدٌّ لَهُ. وَهُوَ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَنُسِبَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ إلَى جَدِّهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ لَمْسَ الْمَحَارِمِ أَوْ مَنْ لَا يُشْتَهَى: غَيْرُ نَاقِضٍ لِلطَّهَارَةِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَهَذَا يُسْتَمَدُّ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ حِكَايَاتِ الْحَالِ لَا عُمُومَ لَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>