لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ. قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ. وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ. وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ] [حَدِيثٌ فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ]
قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَفْرَدُوا التَّصْنِيفَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِفَوَائِدِهِ: وَبَلَغُوا بِهَا عَدَدًا كَثِيرًا. وَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ عُيُونًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا " كَاتَبْتُ " فَاعَلْتُ مِنْ الْكِتَابَةِ. وَهُوَ الْعَقْدُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ. فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ كِتَابَةِ الْخَطِّ، لِمَا أَنَّهُ يَصْحَبُ هَذَا الْعَقْدَ الْكِتَابَةُ لَهُ، فِيمَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ مَعْنَى الْإِلْزَامِ. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] كَأَنَّ السَّيِّدَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ عِتْقَ الْعَبْدِ عِنْدَ الْأَدَاءِ. وَالْعَبْدُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْأَدَاءَ لِلْمَالِ الَّذِي تَكَاتَبَا عَلَيْهِ.
الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْعِتْقِ، فَيَجُوزُ، أَوْ لِلِاسْتِخْدَامِ فَلَا. فَأَمَّا مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ: فَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. فَإِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُكَاتَبَةٌ. وَأَمَّا مَنْ مَنَعَ: فَيَحْتَاجُ إلَى الْعُذْرِ عَنْهُ، فَمِنْ الْعُذْرِ عَنْهُ مَا قِيلَ. إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ، أَوْ الضَّعْفِ عَنْ الْكَسْبِ فَقَدْ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى ذَلِكَ. وَمَنْ الِاعْتِذَارَاتِ: أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ اشْتَرَتْ الْكِتَابَةَ، لَا الرَّقَبَةَ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَكِ» فَإِنَّهُ يُشْعِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute