للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٧ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ» .

٢٨٨ - الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ «كُنَّا أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ حَقْلًا. وَكُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ، عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ، وَلَهُمْ هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ، وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. فَأَمَّا بِالْوَرِقِ: فَلَمْ يَنْهَنَا» .

ــ

[إحكام الأحكام]

الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ. وَلَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيِّ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَهَا الْإِذْنُ - إلَّا أَنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِالتَّنْفِيرِ الشَّدِيدِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، حَيْثُ امْتَنَعَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُبَاشَرَةِ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا جَوْرٌ. فَتَخْرُجُ الصِّيغَةُ عَنْ ظَاهِرِ الْإِذْنِ بِهَذِهِ الْقَرَائِنِ. وَقَدْ اسْتَعْمَلُوا مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ فِي مَقْصُودِ التَّنْفِيرِ. وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَنْعِ أَيْضًا: قَوْلُهُ " اتَّقُوا اللَّهَ " فَإِنَّهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ خِلَافَ التَّسْوِيَةِ لَيْسَ بِتَقْوَى، وَأَنَّ التَّسْوِيَةَ تَقْوَى.

[حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ]

اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ. فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ: إلَى جَوَازِهَا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إلَى الْمَنْعِ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُعَامَلَةَ كَانَتْ مُسَاقَاةً عَلَى النَّخِيلِ، وَالْبَيَاضُ الْمُتَخَلَّلُ بَيْنَ النَّخِيلِ كَانَ يَسِيرًا، فَتَقَعُ الْمُزَارَعَةُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ. وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ: صُورَةُ الْمُعَامَلَةِ، وَلَيْسَتْ لَهَا حَقِيقَتُهَا، وَأَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ قَدْ مُلِكَتْ بِالِاغْتِنَامِ. وَالْقَوْمُ صَارُوا عَبِيدًا فَالْأَمْوَالُ كُلُّهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي جُعِلَ لَهُمْ مِنْهَا بَعْضُ مَالِهِ، لِيَنْتَفِعُوا بِهِ، لَا عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةُ الْمُعَامَلَةِ. وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ اُسْتُرِقُّوا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُجَرِّدِ الِاسْتِيلَاءِ يَحْصُلُ الِاسْتِرْقَاقُ لِلْبَالِغِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>