للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢١ - الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشْرَ: وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ فِي النَّفَلِ: لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا» .

ــ

[إحكام الأحكام]

الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ إجَازَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَ عُمَرَ فِي الْقِتَالِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً، وَعَدَمُ إجَازَتِهِ لَهُ فِيمَا دُونَهَا، وَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ جَعَلَهُ حَدًّا فَكَانَ يَجْعَلُ مَنْ دُونَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ: فِي الذُّرِّيَّةِ. وَالْمُخَالِفُونَ لِهَذَا الْحَدِيثِ اعْتَذَرُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الْقِتَالِ حُكْمُهَا مَنُوطٌ بِإِطَاقَتِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ إجَازَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عُمَرَ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ لِأَنَّهُ رَآهُ مُطِيقًا لِلْقِتَالِ، وَلَمْ يَكُنْ مُطِيقًا لَهُ قَبْلَهَا، لَا لِأَنَّهُ أَدَارَ الْحُكْمَ عَلَى الْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ.

[حَدِيثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَسَمَ فِي النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا]

" النَّفَلُ " بِتَحْرِيكِ النُّونِ، وَالْفَاءِ مَعًا: يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ: الْغَنِيمَةُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١] ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُنَفِّلُهُ الْإِمَامُ لِسَرِيَّةٍ، أَوْ لِبَعْضِ الْغُزَاةِ، خَارِجًا عَنْ السُّهْمَانِ الْمَقْسُومَةِ، إمَّا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، أَوْ مِنْ الْخُمُسِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهُ حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي سَرِيَّةِ نَجْدٍ «، وَإِنَّ سُهْمَانَهُمْ كَانَتْ اثْنَيْ عَشَرَ - أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا -، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا» وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُتَعَرِّضٌ لِلتَّأْوِيلِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنْ يُحْمَلَ النَّفَلُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَيَكُونُ الْمُعْطَى زِيَادَةً عَلَى السَّهْمَيْنِ خَارِجًا عَنْهَا:

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ " لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ " اللَّامَ الَّتِي لِلتَّعْلِيلِ لَا اللَّامَ الَّتِي لَلْمِلْكِ، أَوْ الِاخْتِصَاصِ، أَيْ: أَعْطَى الرَّجُلَ سَهْمَيْنِ لِأَجْلِ فَرَسِهِ، أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ ذَا فَرَسٍ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا مُطْلَقًا، وَقَدْ أُجِيب عَنْ هَذَا بِبَيَانِ الْمُرَادِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَرِيحَةٍ، وَهِيَ رِوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>