للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحَصْرِ فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ: فَقُلْ بِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مَخْصُوص: فَاحْمِلْ الْحَصْرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

وَمِنْ هَذَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَارِحِ وَبِالْقُلُوبِ] ١

الرَّابِعُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَارِحِ وَبِالْقُلُوبِ، قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَمَلٌ، وَلَكِنَّ الْأَسْبَقَ إلَى الْفَهْمِ: تَخْصِيصُ الْعَمَلِ بِأَفْعَالِ الْجَوَارِحِ، وَإِنْ كَانَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُلُوبِ فِعْلًا لِلْقُلُوبِ أَيْضًا.

وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِلَافِ خَصَّصَ الْأَعْمَالَ بِمَا لَا يَكُونُ قَوْلًا.

وَأَخْرَجَ الْأَقْوَالَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا عِنْدِي بُعْدٌ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَفْظُ " الْعَمَلِ " يَعُمُّ جَمِيعَ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ.

نَعَمْ لَوْ كَانَ خُصِّصَ بِذَلِكَ لَفْظُ " الْفِعْلِ " لَكَانَ أَقْرَبَ.

فَإِنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُمَا مُتَقَابِلَيْنِ، فَقَالُوا: الْأَفْعَالُ، وَالْأَقْوَالُ.

وَلَا تَرَدُّدَ عِنْدِي فِي أَنَّ الْحَدِيثَ يَتَنَاوَلُ الْأَقْوَالَ أَيْضًا.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ] ١

الْخَامِسُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ.

فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْدِيرِهِ.

فَاَلَّذِينَ اشْتَرَطُوا النِّيَّةَ، قَدَّرُوا: " صِحَّةُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ " أَوْ مَا يُقَارِبُهُ.

وَاَلَّذِينَ لَمْ يَشْتَرِطُوهَا: قَدَّرُوهُ " كَمَالُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ " أَوْ مَا يُقَارِبُهُ.

وَقَدْ رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّحَّةَ أَكْثَرُ لُزُومًا لِلْحَقِيقَةِ مِنْ الْكَمَالِ، فَالْحَمْلُ عَلَيْهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا كَانَ أَلْزَمَ لِلشَّيْءِ: كَانَ أَقْرَبَ إلَى خُطُورِهِ بِالْبَالِ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ. فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ قَدْ يُقَدِّرُونَهُ " إنَّمَا اعْتِبَارُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ " وَقَدْ قَرَّبَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِنَظَائِرَ مِنْ الْمُثُلِ، كَقَوْلِهِمْ: إنَّمَا الْمُلْكُ بِالرِّجَالِ؛ أَيْ قِوَامُهُ وَوُجُودُهُ.

وَإِنَّمَا الرِّجَالُ بِالْمَالِ.

وَإِنَّمَا الْمَالُ بِالرَّعِيَّةِ.

وَإِنَّمَا الرَّعِيَّةُ بِالْعَدْلِ.

كُلُّ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ: أَنَّ قِوَامَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ.

[مَنْ نَوَى شَيْئًا حصل لَهُ]

السَّادِسُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَوَى شَيْئًا يَحْصُلُ لَهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَيَدْخُلَ تَحْتَ ذَلِكَ مَا لَا يَنْحَصِرُ مِنْ الْمَسَائِلِ.

وَمِنْ هَذَا عَظَّمُوا هَذَا الْحَدِيثَ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَدْخُلُ فِي حَدِيثِ «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ثُلُثَا الْعِلْمِ.

فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ خِلَافِيَّةٍ حَصَلَتْ فِيهَا نِيَّةٌ، فَلَكَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>