للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] إلَى آخِرِ الْآيَةِ ".

٣٦٦ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شَاهِدَاكَ، أَوْ يَمِينُهُ قُلْت: إذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.»

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ]

" يَمِينُ الصَّبْرِ " هِيَ الَّتِي يُصْبِرُ فِيهَا نَفْسَهُ عَلَى الْجَزْمِ بِالْيَمِينِ وَ " الصَّبْرُ " الْحَبْسُ، فَكَأَنَّهُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ وَهِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ. وَيُقَالُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْيَمِينِ " الْغَمُوسُ " أَيْضًا. وَفِي الْحَدِيثِ: وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِفَاعِلِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَالِاسْتِخْفَافِ بِحُرْمَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ: يَقْتَضِي تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَبَيَانُ سَبَبِ النُّزُولِ: طَرِيقٌ قَوِيٌّ فِي فَهْمِ مَعَانِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ أَمْرٌ يَحْصُلُ لِلصَّحَابَةِ بِقَرَائِنَ تَحُفُّ بِالْقَضَايَا.

[حَدِيثُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ]

هَذَا الْحَدِيثُ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ كَالْأَوَّلِ وَفِيهِ شَيْءٌ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ، وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَرِيمِهِ شَيْئًا، فَأَنْكَرَهُ وَأَحْلَفَهُ ثُمَّ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْلَافِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِعُذْرٍ فِي تَرْكِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَتَوَجَّهُ لَهُ. وَرُبَّمَا يَتَمَسَّكُونَ بِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>