[مَسْأَلَة انْقِسَامِ الذُّنُوبِ إلَى صَغَائِرَ وَكَبَائِرَ]
ــ
[إحكام الأحكام]
شَكَّ فِي عِظَمِ مَفْسَدَتِهِ، لِعِظَمِ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ إلَّا أَنَّ ضَبْطَ الْوَاجِبِ مِنْ الطَّاعَةِ لَهُمَا، وَالْمُحَرَّمِ مِنْ الْعُقُوقِ لَهُمَا: فِيهِ عُسْرٌ، وَرُتَبُ الْعُقُوقِ مُخْتَلِفَةٌ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَمْ أَقِفْ فِي عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَلَا فِيمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ، عَلَى ضَابِطٍ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ مَا يَحْرُمُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ: فَهُوَ حَرَامٌ فِي حَقِّهِمَا، وَمَا يَجِبُ لِلْأَجَانِبِ: فَهُوَ وَاجِبٌ لَهُمَا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ طَاعَتُهُمَا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرَانِ بِهِ، وَلَا فِي كُلِّ مَا يَنْهَيَانِ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ حُرِّمَ عَلَى الْوَلَدِ السَّفَرُ إلَى الْجِهَادِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا، لِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا مِنْ تَوَقُّعِ قَتْلِهِ، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَلِشِدَّةِ تَفَجُّعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ سَفَرٍ يَخَافَانِ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَقَدْ سَاوَى الْوَالِدَانِ الرَّقِيقَ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَالسُّكْنَى. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَالْفُقَهَاءُ قَدْ ذَكَرُوا صُوَرًا جُزْئِيَّةً، وَتَكَلَّمُوا فِيهَا مَنْثُورَةً، لَا يَحْصُلُ مِنْهَا ضَابِطٌ كُلِّيٌّ فَلَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يُسْلَكَ فِي ذَلِكَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْكَبَائِرِ، وَهُوَ أَنْ تُقَاسَ الْمَصَالِحُ فِي طَرَفِ الثُّبُوتِ بِالْمَصَالِحِ الَّتِي وَجَبَتْ لِأَجْلِهَا، وَالْمَفَاسِدُ فِي طَرَفِ الْعَدَمِ بِالْمَفَاسِدِ الَّتِي حُرِّمَتْ لِأَجْلِهَا.
[مَسْأَلَة اهْتِمَامُهُ بِأَمْرِ شَهَادَةِ الزُّورِ أَوْ قَوْلِ الزُّورِ] ١
السَّادِسَةُ: اهْتِمَامُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَمْرِ شَهَادَةِ الزُّورِ، أَوْ قَوْلِ الزُّورِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ وُقُوعًا عَلَى النَّاسِ، وَالتَّهَاوُنُ بِهَا أَكْثَرُ، فَمَفْسَدَتُهَا أَيْسَرُ وُقُوعًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَذْكُورَ مَعَهَا: هُوَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَلَا يَقَعُ فِيهِ مُسْلِمٌ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالطَّبْعُ صَارِفٌ عَنْهُ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ: " الزُّورِ " فَإِنَّ الْحَوَامِلَ عَلَيْهِ كَثِيرَةٌ، كَالْعَدَاوَةِ وَغَيْرِهَا فَاحْتِيجَ إلَى الِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِعِظَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا ذُكِرَ مَعَهَا، وَهُوَ الْإِشْرَاكُ قَطْعًا. " وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ " يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: " الزُّورِ " عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، فَإِنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى: الْإِطْلَاقِ: لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْكِذْبَةُ الْوَاحِدَةُ مُطْلَقًا كَبِيرَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْكِذْبَةَ الْوَاحِدَةَ وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute