. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ]
أَبُو قَتَادَةَ اسْمُهُ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ - بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ - ابْنُ بُلْدُمَةَ - بِضَمِّ الْبَاءِ وَالدَّالِ وَفَتْحِهِمَا - مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ. وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَيُقَالُ: سَنَةَ أَرْبَعِينَ. وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ بَدْرِيًّا. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا. وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ فِي هَذَا الْحَمْلِ وَوَجْهِ إبَاحَتِهِ.
الثَّانِي: النَّظَرُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِطَهَارَةِ ثَوْبِ الصَّبِيَّةِ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي تَخْرِيجِهِ عَلَى وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّافِلَةِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ. وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الْمُسَامَحَةَ فِي النَّافِلَةِ قَدْ تَقَعُ فِي بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ، كَانَ ذَلِكَ تَأْنِيسًا بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ هَذَا وَرُدَّ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ «بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الظُّهْرِ - أَوْ الْعَصْرِ - خَرَجَ عَلَيْنَا حَامِلًا أُمَامَةَ» - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي نَافِلَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْفَرِيضَةِ. وَمِمَّا يُبْعِدُ هَذَا التَّأْوِيلَ: أَنَّ الْغَالِبَ فِي إمَامَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْفَرَائِضِ دُونَ النَّوَافِلِ. وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ قَائِمًا عَلَى كَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إمَامًا. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِسَنَدِهِ إلَى «أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ. قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ - وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَاتِقِهِ» الْحَدِيثَ ".
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ كَانَ لِلضَّرُورَةِ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَفَرَّقَ بَعْضُ أَتْبَاعِهِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْحَاجَةُ شَدِيدَةً، بِحَيْثُ لَا يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ أَمْرَ الصَّبِيِّ، وَيَخْشَى عَلَيْهِ. فَهَذَا يَجُوزُ فِي النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ. وَإِنْ كَانَ حَمْلُ الصَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute