للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامُ، ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقُ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ]

الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَثْقَلُ الصَّلَاةِ " مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي اللَّفْظِ. لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " وَقَوْلُهُ " وَلَقَدْ هَمَمْتُ - إلَى قَوْلِهِ - لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ " كُلُّ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ: حُضُورُهُمْ إلَى جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ.

الثَّانِي: إنَّمَا كَانَتْ هَاتَانِ الصَّلَاتَانِ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ. لِقُوَّةِ الدَّاعِي إلَى تَرْكِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا، وَقُوَّةِ الصَّارِفِ عَنْ الْحُضُورِ، أَمَّا الْعِشَاءُ: فَلِأَنَّهَا وَقْتُ الْإِيوَاءِ إلَى الْبُيُوتِ وَالِاجْتِمَاعِ مَعَ الْأَهْلِ، وَاجْتِمَاعِ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَطَلَبِ الرَّاحَةِ مِنْ مَتَاعِبِ السَّعْيِ بِالنَّهَارِ. وَأَمَّا الصُّبْحُ: فَإِنَّهَا فِي وَقْتِ لَذَّةِ النَّوْمِ. فَإِنْ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْبَرْدِ فَفِي وَقْتِ شِدَّتِهِ، لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِالشَّمْسِ، لِطُولِ اللَّيْلِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْحَرِّ: فَهُوَ وَقْتُ الْبَرْدِ وَالرَّاحَةِ مِنْ أَثَرِ حَرِّ الشَّمْسِ لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِهَا. فَلَمَّا قَوِيَ الصَّارِفُ عَنْ الْفِعْلِ ثَقُلَتْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ. وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ الْإِيمَانِ: فَهُوَ عَالِمٌ بِزِيَادَةِ الْأَجْرِ لِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُمُورُ دَاعِيَةً لَهُ إلَى هَذَا الْفِعْلِ، كَمَا كَانَتْ صَارِفَةً لِلْمُنَافِقِينَ وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا " أَيْ مِنْ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ " لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " وَهَذَا كَمَا قُلْنَا: إنَّ هَذِهِ الْمَشَقَّاتِ تَكُونُ دَاعِيَةً لِلْمُؤْمِنِ إلَى الْفِعْلِ

[الْجَمَاعَة فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ] ١

الثَّالِثُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَقِيلَ: سُنَّةٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>