للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٧١ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ: السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ. فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ. .. إلَخْ فَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهَا، وَإِطْلَاءِ السُّفُنِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: " لَا. هُوَ حَرَامٌ " وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ. فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ تَحْرِيمَ بَيْعِ الْمَيْتَةِ قَالُوا لَهُ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ. فَإِنَّهُ تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ. .. إلَخْ قَصْدًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَنَافِعَ تَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ": لَا. هُوَ حَرَامٌ " وَيَعُودُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ " هُوَ " عَلَى الْبَيْعِ. كَأَنَّهُ أَعَادَ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ بَعْدَمَا بَيَّنَ لَهُ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً، إهْدَارًا لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ الَّتِي ذَكَرْتُ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ. .. إلَخْ تَنْبِيهٌ عَلَى تَعْلِيلِ تَحْرِيمِ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. فَإِنَّ الْعِلَّةَ تَحْرِيمُهَا. فَإِنَّهُ وَجَّهَ اللُّوَّمَ عَلَى الْيَهُودِ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِ الثَّمَنِ بِتَحْرِيمِ أَكْلِ الشُّحُومِ. اسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ بِهَذَا عَلَى تَحْرِيمِ الذَّرَائِعِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ الْيَهُودَ تُوَجِّهَ عَلَيْهِمْ اللَّوْمُ بِتَحْرِيمِ أَكْلِ الثَّمَنِ، مِنْ جِهَةِ تَحْرِيمِ أَكْلِ الْأَصْلِ. وَأَكْلُ الثَّمَنِ لَيْسَ هُوَ أَكْلُ الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ. لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَسَبُّبًا إلَى أَكْلِ الْأَصْلِ بِطَرِيقِ الْمَعْنَى اسْتَحَقُّوا اللَّوْمَ بِهِ. .

[بَابُ السَّلَمِ]

[حَدِيثٌ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْجُمْلَةِ. وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ إلَى السَّنَةِ وَالسَّنَتَيْنِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، إذَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحَلِّ، فَإِنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي الثَّمَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>