الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ. ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. قِيلَ: إنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الشَّارِفَ - وَهِيَ الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ - بِنِتَاجِ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ» .
٢٥٨ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثٌ نَهَى رَسُولَ اللَّهِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ]
فِي تَفْسِيرِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ " وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَبِيعَ إلَى أَنْ تَحْمِلَ النَّاقَةُ وَتَضَعَ، ثُمَّ يَحْمِلَ هَذَا الْبَطْنُ الثَّانِي. وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ، وَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ. وَهَذَا الْبَيْعُ كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَتَبَايَعُهُ فَأَبْطَلَهُ الشَّارِعُ لِلْمَفْسَدَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ. وَهُوَ مَا بَيَّنَاهُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَكَأَنَّ السِّرَّ فِيهِ: أَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ إلَى التَّشَاجُرِ وَالتَّنَازُعِ الْمُنَافِي لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ.
[حَدِيثٌ نَهَى رَسُول اللَّه عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا]
أَكْثَرُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنْ هَذَا النَّهْيَ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ، وَالْفُقَهَاءُ أَخْرَجُوا مِنْ هَذَا الْعُمُومِ: بَيْعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَاخْتَلَفُوا فِي بَيْعِهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا إبْقَاءٍ وَلِمَنْ يَمْنَعُهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. فَإِنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ عُمُومِهِ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ يَدْخُلُ بَاقِي صُوَرَ الْبَيْعِ تَحْتَ النَّهْيِ. وَمِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ: بَيْعُ الْإِطْلَاقِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فِيهِ: مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَوْلُهُ " نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ " تَأْكِيدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّ الْبَيْعَ - وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الْإِنْسَانِ - فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَكِبْ النَّهْيَ فِيهِ، قَائِلًا: أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ اعْتِبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute