للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ. وَهَذِهِ الشُّرُوطُ مِنْهَا مَا يَقُومُ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهِ، كَشَرْطِنَا الْعِلْمَ بِالنَّهْيِ. وَلَا إشْكَالَ فِيهِ. وَمِنْهَا مَا يُؤْخَذُ بِاسْتِنْبَاطِ الْمَعْنَى، فَيُخَرَّجُ عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ. وَهِيَ أَنَّ النَّصَّ إذَا اُسْتُنْبِطَ مِنْهُ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالتَّخْصِيصِ. هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ وَيَظْهَرُ لَكَ هَذَا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الشُّرُوطِ.

[قَوْلُهُ وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ] ١

وَقَوْلُهُ «وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ» فِيهِ مَسَائِلُ. الْأُولَى: الصَّحِيحُ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ: ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُ الصَّادِ وَتَشْدِيدُ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى وَزْنِ " تُزَكُّوا " مَأْخُوذٌ مِنْ صَرَّى يُصَرِّي. وَمَعْنَى اللَّفْظَةُ: يَرْجِعُ إلَى الْجَمْعِ. تَقُولُ: صَرَّيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ، وَصَرَيْته - بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ إذَا جَمَعْتَهُ، وَ " الْغَنَمَ " مَنْصُوبَةُ الْمِيمِ عَلَى هَذَا. وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ " لَا تَصُرُّوا " بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ - مِنْ صَرَّ يَصُرُّ: إذَا رَبَطَ. " وَالْمُصَرَّاةُ " هِيَ الَّتِي تُرْبَطُ أَخْلَافُهَا لِيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ وَ " الْغَنَمَ " عَلَى هَذَا: مَنْصُوبَةُ الْمِيمِ أَيْضًا وَأَمَّا مَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ - مِنْ ضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ مِيمِ الْغَنَمِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ - فَهَذَا لَا يَصِحُّ مَعَ اتِّصَالِ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَعَ إفْرَادِ الْفِعْلِ. وَلَا نَعْلَمُ رِوَايَةً حُذِفَ فِيهَا هَذَا الضَّمِيرُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا خِلَافَ أَنَّ التَّصْرِيَةَ حَرَامٌ. لِأَجْلِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ الَّتِي فِيهَا لِلْمُشْتَرِي. وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، مَعَ عِلْمِ تَحْرِيمِ الْخَدِيعَةِ قَطْعًا مِنْ الشَّرْعِ.

[مَسْأَلَةٌ تَحَفَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا أَوْ نَسِيَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ أَنْ صَرَّاهَا لَا لِأَجْلِ الْخَدِيعَةِ] ١

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: النَّهْيُ وَرَدَ عَنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَهُوَ مَا يَصْدُرُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَعَمُّدِهِ فَرُتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ. فَلَوْ تَحَفَّلَتْ الشَّاةُ بِنَفْسِهَا، أَوْ نَسِيَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ أَنْ صَرَّاهَا، لَا لِأَجْلِ الْخَدِيعَةِ، فَهَلْ يَثْبُتُ ذَلِكَ الْحُكْمُ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. فَمَنْ نَظَرَ إلَى الْمَعْنَى أَثْبَتَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَدْلِيسُ الْبَائِعِ. وَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ خَصَّهُ بِمَوْرِدِهِ. وَهُوَ حَالَةُ الْعَمْدِ. فَإِنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ حَالَةَ الْعَمْدِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ " لَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ " وَفِي الصَّحِيحِ " الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ " وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ التَّصْرِيَةِ. وَالْفُقَهَاءُ تَصَرَّفُوا، وَتَكَلَّمُوا فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْحَيَوَانِ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>