٢٣٢ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: «عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ " دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخَبَبِ وَهُوَ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ.
وَقَوْلُهُ " ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ " يَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْخَبَبِ، عَلَى خِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ.
١ -
وَقَوْلُهُ " عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ " دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عِنْدَ الْمَقَامِ. وَ " طَوَافُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ " عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ: دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَاسْتِحْبَابِ أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّعْيِ: أَنْ يَكُونَ عَقِيبَ طَوَافٍ كَيْفَ كَانَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَقِيبَ طَوَافٍ وَاجِبٍ. وَهَذَا الْقَائِلُ يَرَى أَنْ طَوَافَ الْقُدُومِ وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُكْنًا.
وَقَوْلُهُ " ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ. .. إلَخْ " امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْقَارِنِ.
وَقَوْلُهُ " وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ " يُبَيِّنُ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِأَنْ " لَا يَحِلُّ مِنْهَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ".
[حَدِيثُ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ]
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّلْبِيدِ لِشَعْرِ الرَّأْسِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ. وَ " التَّلْبِيدُ " أَنْ يَجْعَلَ فِي الشَّعْرِ مَا يُسَكِّنُهُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الِانْتِفَاشِ، كَالصَّبِرِ أَوْ الصَّمْغِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلتَّلْبِيدِ أَثَرًا فِي تَأْخِيرِ الْإِحْلَالِ إلَى النَّحْرِ. وَفِيهِ: أَنَّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute