. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
فِي قَوْلِهِ " فَلْيَحْلِقْ " عَلَى أَنَّ الْحِلَاقَ نُسُكٌ. وَقِيلَ: فِي قَوْلِهِ " فَلْيَحْلِلْ " إنَّ الْمُرَادَ بِهِ: يَصِيرُ حَلَالًا. إذْ لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ فِعْلِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَالْحِلَاقِ فِيهَا: إلَى تَجْدِيدِ فِعْلٍ آخَرَ. وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالْإِحْلَالِ: هُوَ فِعْلُ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ مِنْ جِهَةِ الْإِحْرَامِ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ.
١ -
وَقَوْلُهُ " فَمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ " يَقْتَضِي تَعَلُّقَ الرُّجُوعِ إلَى الصَّوْمِ عَنْ الْهَدْيِ بِعَدَمِ وِجْدَانِهِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ صِيَامَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ إذَا عَدَمَ الْهَدْيُ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهَذَا الْبَدَلِ فِي الْحَالِ، لِقَوْلِهِ " ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ " وَأَيَّامُ الْحَجِّ مَحْصُورَةٌ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصُومَ فِي الْحَجِّ إلَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، عَاجِزًا عَنْ الْهَدْيِ فِي الْحَالِ، وَذَلِكَ مَا أَرَدْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فِي الْحَجِّ " هُوَ نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَمَتِّعِ الصِّيَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْحَجِّ، لَا مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ فَقَطْ، بَلْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ فِي الْحَجِّ. وَأَمَّا الْهَدْيُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ: فَقِيلَ لَا يَجُوزُ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ: جَوَازُ الْهَدْيِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا: مَنْ أَجَازَ الْهَدْيَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ لِلْمُتَمَتِّعِ صَوْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ إثْبَاتِ مَقْدَمِهِ وَهِيَ أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ مِنْ الْحَجِّ، أَوْ تِلْكَ الْأَفْعَالَ الْبَاقِيَةَ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا: أَنَّهَا مِنْ الْحَجِّ، أَوْ وَقْتَهَا مِنْ وَقْتِ الْحَجِّ.
وَقَوْلُهُ " إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ " دَلِيلٌ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّجُوعِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] هُوَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَهْلِ، لَا الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ.
وَقَوْلُهُ " وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ " دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute