. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَحْرِيمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا إذَا خَافَتْ الْفِتْنَةَ حَرُمَ عَلَيْهَا النَّظَرُ. فَإِذًا هَذِهِ حَالَةٌ يَجِبُ فِيهَا الْغَضُّ فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَيْهَا وَلَا تَدُلُّ الْآيَةُ حِينَئِذٍ عَلَى وُجُوبِ الْغَضِّ مُطْلَقًا، أَوْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ: فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَهُ احْتِمَالًا جَيِّدًا، يَتَوَقَّفُ مَعَهُ الِاسْتِدْلَال عَلَى مَحِلِّ الْخِلَافِ.
وَقَالَ هَذَا الْمُتَأَخِّرُ: وَأَمَّا حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، مَعَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ: فَلَيْسَ فِيهِ إذْنٌ لَهَا فِي النَّظَرِ إلَيْهِ، بَلْ فِيهِ: أَنَّهَا تَأْمَنُ عِنْدَهُ مِنْ نَظَرِ غَيْرِهِ. وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِغَضِّ بَصَرِهَا، فَيُمْكِنُهَا الِاحْتِرَازُ عَنْ النَّظَرِ بِلَا مَشَقَّةٍ، بِخِلَافِ مُكْثِهَا فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ: إعْرَاضٌ عَنْ التَّعْلِيلِ بِعَمَاهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ: مَوْجُودٌ فِي نَظَرِهَا إلَيْهِ، مَعَ مُخَالَطَتِهَا لَهُ فِي الْبَيْتِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا عَلَّلَ بِالْعَمَى لِكَوْنِهَا تَضَعُ ثِيَابَهَا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَتِهِ لَهَا فَحِينَئِذٍ يَخْرُجُ التَّعْلِيلُ عَنْ الْحُكْمِ بِاعْتِدَادِهَا عِنْدَهُ.
[التَّعْرِيضِ بِخِطْبَةِ الْبَائِنِ] ١
وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» مَمْدُودُ الْهَمْزِ، أَيْ أَعْلِمِينِي وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ بِخِطْبَةِ الْبَائِنِ، وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " أَمَّا أَبُو جَهْمٍ: فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ " فِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَثِيرُ الْأَسْفَارِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَثِيرُ الضَّرْبِ وَيَتَرَجَّحُ هَذَا الثَّانِي بِمَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ» .
١ -
" وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ عِنْدَ النَّصِيحَةِ. وَلَا يَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute