٣١٥ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثٌ إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ]
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ " الْحَمْوُ " أَخُو الزَّوْجِ، وَمَا أَشْبَهَ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُمْ. لَفْظُ " الْحَمْوُ " يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ النَّاسِ الْيَوْمَ فِي أَبِي الزَّوْجِ، وَهُوَ مَحْرَمٌ مِنْ الْمَرْأَةِ لَا يَمْتَنِعُ دُخُولُهُ عَلَيْهِمَا. فَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ اللَّيْثُ بِمَا يُزِيلُ هَذَا الْإِشْكَالَ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجَانِبِ وَقَوْلُهُ " إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ " مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْمَحَارِمِ، وَعَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِنَّ، وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ مُقْتَضِيًا لِلْخَلْوَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ فَلَا يُمْتَنَعُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " الْحَمْوُ الْمَوْتُ " فَتَأْوِيلُهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْحَمْوِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَحْرَمِ الْمَرْأَةِ - كَأَبِي زَوْجِهَا - فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " الْحَمْوُ الْمَوْتُ " بِمَعْنَى: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إبَاحَةِ دُخُولِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَوْتِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّغْلِيظِ وَالدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْ قَائِلِهِ: طَلَبُ التَّرْخِيصِ بِدُخُولِ مِثْلِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِمَحَارِمَ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ هَذَا الْقَصْدِ الْمَذْمُومِ، بِأَنَّ دُخُولَ الْمَوْتِ عِوَضًا مِنْ دُخُولِهِ، زَجْرًا عَنْ هَذَا التَّرْخِيصِ، عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ، وَالدُّعَاءِ، كَأَنَّهُ يُقَالُ: مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ الْمَوْتُ فِي دُخُولِهِ عِوَضًا مِنْ دُخُولِ الْحَمْوِ الَّذِي قَصَدَ دُخُولَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَبَّهَ الْحَمْوَ بِالْمَوْتِ، بِاعْتِبَارِ كَرَاهَتِهِ لِدُخُولِهِ، وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِكَرَاهَةِ دُخُولِ الْمَوْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute