للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨٦ - الْحَدِيثُ السَّابِعُ: عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ. فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. وَفِي لَفْظٍ فَلَا تُشْهِدْنِي إذًا. فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ وَفِي لَفْظٍ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَمَنَعَ مِنْ رُجُوعِ الْوَالِدِ فِي الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ، عَكْسَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَالْحَدِيثُ: يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ رُجُوعِ الْوَاهِبِ مُطْلَقًا. وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْوَالِدُ فِي الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ.

[حَدِيثٌ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ]

الْحَدِيثُ: يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْهِبَاتِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ: أَنَّ التَّفْضِيلَ يُؤَدِّي إلَى الْإِيحَاشِ وَالتَّبَاغُضِ، وَعَدَمِ الْبِرِّ مِنْ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ. أَعْنِي الْوَلَدَ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ التَّسْوِيَةِ: هَلْ تَجْرِي مَجْرَى الْمِيرَاثِ فِي تَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى، أَمْ لَا؟ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ: يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ مُطْلَقًا. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي التَّفْضِيلِ: هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، لِتَسْمِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُ جَوْرًا " وَأَمْرِهِ بِالرُّجُوعِ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا أَخَذْنَا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ كَانَ صَدَقَةً، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا. فَإِنَّ الرُّجُوعَ هَهُنَا يَقْتَضِي أَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَوْقِعِ الشَّرْعِيِّ، حَتَّى نُقِضَتْ بَعْدَ لُزُومِهَا. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ: أَنَّ هَذَا التَّفْضِيلَ مَكْرُوهٌ لَا غَيْرَ، وَرُبَّمَا اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي " فَإِنَّهَا تَقْتَضِي إبَاحَةَ إشْهَادِ الْغَيْرِ، وَلَا يُبَاحُ إشْهَادُ الْغَيْرِ إلَّا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ. وَيَكُونُ امْتِنَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>