النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَةٍ نَحْوَ أَرْبَعِينَ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدّ الْخَمْرِ]
قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ. لَا خِلَافَ فِي الْحَدِّ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ أَرْبَعُونَ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ إلَى الثَّمَانِينَ: خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ: الْجَوَازُ. وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَحُدَّهُ بِالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَازَ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، تَعْلِيلًا بِعُسْرِ الضَّبْطِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَةٍ نَحْوَ أَرْبَعِينَ " أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ: هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي ضَرَبَ بِهِ.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اضْرِبُوهُ فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ، وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ.» وَفِي الْحَدِيثِ " قَالَ: فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ الضَّرْبَ؟ فَقَوَّمَهُ أَرْبَعِينَ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ " فَفَسَّرَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: أَيْ قُدِّرَ الضَّرْبُ الَّذِي ضُرِبَهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَال وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ: فَكَانَ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ ضَرْبَةً لَا أَنَّهَا عَدَدًا أَرْبَعُونَ بِالثِّيَابِ وَالنِّعَالِ وَالْأَيْدِي، إنَّمَا قَايَسَ مِقْدَارَ مَا ضُرِبَهُ ذَلِكَ الشَّارِبُ فَكَانَ: مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ عَصًا، فَلِذَلِكَ قَالَ " فَقَوَّمَهُ " أَيْ جَعَلَ قِيمَتَهُ أَرْبَعِينَ وَهَذَا عِنْدِي خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَيُبْعِدُهُ: قَوْلُهُ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ» فَإِنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute