«أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» .
٣٨٣ - وَلِمُسْلِمٍ وَحْدَهُ قَالَ «أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ، وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ]
يَسْتَدِلُّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَنْ يَرَى جَوَازَ أَكْلِ الْخَيْلِ
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هَلْ هِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، أَوْ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ؟ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَاعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ - أَعْنِي بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ - بِأَنْ قَالَ: فِعْلُ الصَّحَابِيِّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً إذَا عَلِمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِيهِ شَكٌّ عَلَى أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ " إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ لُحُومَ الْخَيْلِ " ثُمَّ إنْ سَلِمَ عَنْ الْمُعَارِضِ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ التَّعَلُّقُ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ دَلَالَةِ النَّصِّ.
وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ: فَأَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لِجَابِرٍ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا " وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ " فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهَا التَّعَلُّقُ.
وَأَمَّا الثَّانِي " وَهُوَ الْمُعَارَضَةُ بِحَدِيثِ التَّحْرِيمِ - فَإِنَّمَا نَعْرِفُهُ بِلَفْظِ النَّهْيِ، لَا بِلَفْظِ التَّحْرِيمِ، مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ كَلَامٌ يُنْقَضُ بِهِ عَنْ مُقَاوَمَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ. وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَإِنَّمَا أَرَادَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ: أَنَّ الْآيَةَ خَرَجَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute