الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ]
فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: رَدٌّ عَلَى الرَّوَافِضِ فِيمَا يَدَّعُونَهُ مِنْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَكَابِرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَقَوْلُهُ «نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ» أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ " وَبَعْدَ الْعَصْرِ " أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَإِنَّ الْأَوْقَاتَ الْمَكْرُوهَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
مِنْهَا: مَا تَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ الْفِعْلُ لَمْ تُكْرَهْ الصَّلَاةُ قَبْلَهُ. وَإِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كُرِهَتْ. وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. وَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ.
وَمِنْهَا: مَا تَتَعَلَّقُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ بِالْوَقْتِ، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الِارْتِفَاعِ، وَوَقْتِ الِاسْتِوَاءِ. وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعَلَّقًا بِالْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاءِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالظَّاهِرِيَّةِ: فِيهِ خِلَافٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. وَصِيغَةُ النَّفْيِ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ فِي أَلْفَاظِ صَاحِبِ الشَّرْعِ، فَالْأَوْلَى: حَمْلُهَا عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ الشَّرْعِيِّ. لَا عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ الْوُجُودِيِّ. فَيَكُونُ قَوْلُهُ " لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ " نَفْيًا لِلصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ، لَا الْحِسِّيَّةِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّ الشَّارِعَ يُطْلِقُ أَلْفَاظَهُ عَلَى عُرْفِهِ. وَهُوَ الشَّرْعِيُّ. وَأَيْضًا، فَإِنَّا إذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ - وَهُوَ غَيْرُ مُنْتَفٍ - احْتَجْنَا إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute