٥٤ - الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي: عُمَرُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
الْإِعَادَةَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْوِيلِ أَنَّهُ " لَا يَدْرِي كَيْفَ صَلَّى " أَوْ مَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ " إنَّ مَنْ بَلَغَ بِهِ مَا لَا يَعْقِلُ صَلَاتَهُ " فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ: الشَّكُّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْكَانِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ هَذَا السَّبَبِ. وَهُوَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ: أَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ بِالْكُلِّيَّةِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ خُشُوعٍ. وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ. وَقَوْلُ الْقَاضِي " وَلَا يَضْبِطُ حُدُودَهَا " إنْ أُرِيدَ بِهِ: أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ: فَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مُبَيِّنًا.
وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحْضِرُهَا، فَإِنْ أَوْقَعَ ذَلِكَ شَكًّا فِي فِعْلِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الشَّاكِّ فِي الْإِتْيَانِ بِالرُّكْنِ، أَوْ الْإِخْلَالِ بِالشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، مِنْ ذَهَابِ الْخُشُوعِ: فَقَدْ بَيَّنَّاهُ أَيْضًا. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى إعَادَةِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ الدُّخُولِ فِيهَا، فَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي صَلَاةٍ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ تَذَكُّرِ إقَامَةِ أَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا. وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، مِنْ امْتِنَاعِ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ خُرُوجَ النَّجَاسَةِ عَنْ مَقَرِّهَا يَجْعَلُهَا كَالْبَارِزَةِ، وَيُوجِبُ انْتِقَاضَ الطَّهَارَةِ، وَتَحْرِيمَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، مِنْ غَيْرِ التَّأْوِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ: فَهُوَ عِنْدِي بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ إحْدَاثُ سَبَبٍ آخَرَ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، صَرِيحٍ فِيهِ. فَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي أَنَّ السَّبَبَ مَا ذَكَرَهُ. وَإِنَّمَا غَايَتُهُ: أَنَّهُ مُنَاسِبٌ أَوْ مُحْتَمَلٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute