. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
الضُّحَى " إنَّهَا بِدْعَةٌ "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِيهَا دَلِيلٌ. وَلَمْ يَرَ إدْرَاجَهَا تَحْتَ عُمُومَاتِ الصَّلَاةِ لِتَخْصِيصِهَا بِالْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْقُنُوتِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي عَصْرِهِ " إنَّهُ بِدْعَةٌ " وَلَمْ يَرَ إدْرَاجَهُ تَحْتَ عُمُومَاتِ الدُّعَاءِ. وَكَذَلِكَ مَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ لِابْنِهِ فِي الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ " إيَّاكَ وَالْحَدَثَ " وَلَمْ يَرَ إدْرَاجَهُ تَحْتَ دَلِيلٍ عَامٍّ وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ " ذُكِرَ لِابْنِ مَسْعُودٍ قَاصٌّ يَجْلِسُ بِاللَّيْلِ، وَيَقُولُ لِلنَّاسِ: قُولُوا كَذَا، وَقُولُوا كَذَا. فَقَالَ: إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي. قَالَ: فَأَخْبَرُوهُ. فَأَتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ مُتَقَنِّعًا. فَقَالَ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي. وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ لَأَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، يَعْنِي أَوْ إنَّكُمْ لَمُتَعَلِّقُونَ بِذَنْبٍ ضَلَالَةً " وَفِي رِوَايَةٍ " لَقَدْ جِئْتُمْ بِبِدْعَةٍ ظَلْمَاءَ، أَوْ لَقَدْ فَضَلْتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِلْمًا " فَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْكَرَ هَذَا الْفِعْلَ، مَعَ إمْكَانِ إدْرَاجِهِ تَحْتَ عُمُومِ فَضِيلَةِ الذِّكْرِ. عَلَى أَنَّ مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْقُنُوتِ وَالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ مِنْ بَابِ الزِّيَادَةِ فِي الْعِبَادَاتِ.
الْخَامِسُ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَلَا تَظْهَرُ لَهُ مُنَاسَبَةٌ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ: أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مَعْنَاهُ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ. فَلَيْسَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةً. فَإِنَّ الْمَعِيَّةَ مُطْلَقًا أَعَمُّ مِنْ الْمَعِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ. وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا.
وَمِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ: أَنَّهُ أَوْرَدَ عَقِيبَهُ حَدِيثَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَنَّهَا قَالَتْ «لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَهَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
[رَكْعَتَا الْفَجْرِ] ١
٦٢ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْمُقَدَّمُ الذِّكْرَ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَأَكُّدِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِمَا فِي الْفَضِيلَةِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِك. أَعْنِي فِي قَوْلِهِ " إنَّهُمَا سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ " بَعْدَ اصْطِلَاحِهِمْ عَلَى الْفَرْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute