٦٤ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ قَالَ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أُدْمٍ - قَالَ: فَخَرَجَ بِلَالٌ بِوَضُوءٍ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ وَأَذَّنَ بِلَالٌ، قَالَ:
ــ
[إحكام الأحكام]
مُثَنَّاةٌ. وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَهُوَ لَفْظُ " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ " فَقَالَ مَالِكٌ: يُفْرَدُ. وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُثَنَّى، لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. . وَهُوَ قَوْلُهُ «أُمِرَ بِلَالٌ بِأَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ، إلَّا الْإِقَامَةَ» أَيْ إلَّا لَفْظَ " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ". وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - مَعَ مَا مَرَّ مِنْ الْحَدِيثِ - قَدْ أُيِّدَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَنَقْلِهِمْ. وَفِعْلُهُمْ فِي هَذَا قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ النَّقْلِ وَالْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ: تَقْتَضِي شُيُوعَ الْعَمَلِ. فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَغَيَّرَ لَعُلِمَ وَعُمِلَ بِهِ.
[إجْمَاع أَهْلِ الْمَدِينَةِ] ١
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي أَنَّ إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ مُطْلَقًا فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ. أَوْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا طَرِيقُهُ النَّقْلُ وَالِانْتِشَارُ، كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ، وَالْأَوْقَاتِ، وَعَدَمِ أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ؟ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ: وَالصَّحِيحُ التَّعْمِيمُ. وَمَا قَالَهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَنَا جَزْمًا. وَلَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ. إذْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عِصْمَةِ بَعْضِ الْأُمَّةِ.
نَعَمْ مَا طَرِيقَةُ النَّقْلِ إذَا عُلِمَ اتِّصَالُهُ، وَعَدَمُ تَغَيُّرِهِ، وَاقْتَضَتْ الْعَادَةُ مَشْرُوعِيَّتَهُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَلَوْ بِالتَّقْرِيرِ عَلَيْهِ - فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ قَوِيٌّ يَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ عَادِيٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[وُجُوب الْأَذَانِ] ١
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْأَذَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا أَمَرَ بِالْوَصْفِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ مَأْمُورًا بِهِ. وَظَاهِرُ الْأَمْرِ: الْوُجُوبُ.
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اُخْتُلِفَ فِيهَا. وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ سُنَّتَانِ. وَقِيلَ: هُمَا فَرْضَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مُتَمَسِّكٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَمَا قُلْنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute