الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ - قَالَ «سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا، وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ: فِيهِ جَزُورٌ، أَوْ بَقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ: وَكَانَ نَاسٌ كَرِهُوهَا، فَنِمْتُ. فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ إنْسَانًا يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ، وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ. فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَتْهُ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[بَابُ التَّمَتُّعِ] [حَدِيثُ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ]
" أَبُو جَمْرَةَ " بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ " نَصْرٌ " بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، الضُّبَعِيُّ: بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ ثَانِي الْحُرُوفِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْمُتْعَةِ " الظَّاهِرُ: أَنَّهُ يُرِيدُ بِهَا الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ.
وَقَوْلُهُ " أَمَرَنِي بِهَا " يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ " وَكَانَ نَاسٌ كَرِهُوهَا " وَذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيمَا كَرِهَهُ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ: هَلْ هِيَ الْمُتْعَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا أَوْ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ؟ وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهَا هَذِهِ. فَقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ وَالنَّهْيَ مِنْ بَابِ الْحَمْلِ عَلَى الْأَوْلَى، وَالْمَشُورَةُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُ " رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ إنْسَانًا يُنَادِي. .. إلَخْ فِيهِ: اسْتِئْنَاسٌ بِالرُّؤْيَا فِيمَا يَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ، لِمَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ مِنْ عِظَمِ قَدْرِهَا، وَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ. وَهَذَا الِاسْتِئْنَاسُ وَالتَّرْجِيحُ لَا يُنَافِي الْأُصُولَ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " اللَّهُ أَكْبَرُ. سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَأَيَّدَ بِالرُّؤْيَا وَاسْتَبْشَرَ بِهَا. وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute