النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ، لَا دِيَةَ لَك» .
٣٤٨ - الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مِنْهُ حَدِيثًا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدِي بَادَرَنِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيث يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَك]
أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُوجِبْ ضَمَانًا لِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَضَّ إنْسَانٌ يَدَ آخَرَ، فَانْتَزَعَهَا فَسَقَطَ سِنُّهُ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ تَخْلِيصَ يَدِهِ بِأَيْسَرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ أَوْ الضَّرْبِ فِي شِدْقَيْهِ لِيُرْسِلَهَا فَحِينَئِذٍ إذَا سَلَّ أَسْنَانَهُ أَوْ بَعْضَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَخَالَفَ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَأَوْجَبَ ضَمَانَ السِّنِّ، وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ بِغَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ فَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخْلِيصُ إلَّا بِضَرْبِ عُضْوٍ آخَرَ، كَبَعْجِ الْبَطْنِ، وَعَصْرِ الْأُنْثَيَيْنِ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ قَصْدُ غَيْرِ الْفَمِ، وَإِذَا كَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ الضَّمَانِ، فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي صُورَةِ التَّلَفِ بِالنَّزْعِ مِنْ الْيَدِ فَلَا نَقِيسُ عَلَيْهِ غَيْرَهُ لَكِنْ إذَا دَلَّتْ الْقَوَاعِدُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِمْكَانِ فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِ الْإِمْكَانِ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ، وَفَرَضْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ إلَّا بِالْقَصْدِ إلَى غَيْرِ الْفَمِ: قَوِيَ بَعْد هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الْفَمِ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute