. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
[بَابُ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ] [حَدِيثُ أَهَلَّ النَّبِيُّ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ]
قَوْلُهُ " أَهَلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " الْإِهْلَالُ: أَصْلُهُ رَفْعُ الصَّوْتِ. ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي التَّلْبِيَةِ اسْتِعْمَالًا شَائِعًا. وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْإِحْرَامِ.
وَقَوْلُهُ " بِالْحَجِّ " ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِفْرَادِ. وَهُوَ رِوَايَةُ جَابِرٍ.
وَقَوْلُهُ " وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلْحَةَ " كَالْمُقَدِّمَةِ لِمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، إذَا لَمْ يَكُنْ هَدْيٌ.
وَقَوْلُهُ " أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ بِإِحْرَامِ الْغَيْرِ وَانْعِقَادِ إحْرَامِ الْمُعَلِّقِ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْغَيْرُ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ عَدَّى هَذَا إلَى صُوَرٍ أُخْرَى أَجَازَ فِيهَا التَّعْلِيقَ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ يَقُولُ: الْحَجُّ مَخْصُوصٌ بِأَحْكَامٍ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ. وَيُجْعَلُ مَحَلَّ النَّصِّ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ " فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً " فِيهِ عُمُومٌ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. وَفَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ: كَانَ جَائِزًا بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: إنَّ عِلَّتَهُ حَسْمُ مَادَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي اعْتِقَادِهَا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ.
١ -
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا بَعْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ: هَلْ يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، كَمَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الظَّاهِرِيَّةُ إلَى جَوَازِهِ. وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ إلَى مَنْعِهِ وَقِيلَ: إنَّ هَذَا كَانَ مَخْصُوصًا بِالصَّحَابَةِ. وَفِي هَذَا حَدِيثٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَبِيهِ أَيْضًا. أَعْنِي فِي كَوْنِهِ مَخْصُوصًا.
وَقَوْلُهُ " فَيَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا " يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ " فَيَطُوفُوا " وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرَادَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ يَطُوفُوا وَيَسْعَوْا. فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ السَّعْيِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَعْمَلَ الطَّوَافَ فِي الطَّوْفِ بِالْبَيْتِ، وَفِي السَّعْيِ أَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ يُسَمَّى طَوَافًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] .
١ -