رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا. وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[بَابُ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ] [حَدِيثُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ]
الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ: فِيهِ الرِّفْقُ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَامَلَهُ بِالرِّفْقِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، كَمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ " فَمَا كَهَرَنِي " وَوَصَفَ رِفْقَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْأَعْرَابِيِّ " لَا تُزْرِمُوهُ " وَلَمْ يُعَنِّفْهُ. وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[رَدّ السَّلَامِ مِرَارًا] ١
وَفِيهِ تَكْرَارُ رَدِّ السَّلَامِ مِرَارًا، إذَا كَرَّرَهُ الْمُسَلِّمُ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، مَعَ الْفَصْلِ الْقَرِيبِ.
[وَاجِبَات الصَّلَاةِ] ١
الثَّانِي: تَكَرَّرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، وَعَدَمِ وُجُوبِ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ. فَأَمَّا وُجُوبُ مَا ذُكِرَ فِيهِ: فَلِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ غَيْرِهِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، بَلْ لِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ تَعْلِيمٍ، وَبَيَانٍ لِلْجَاهِلِ، وَتَعْرِيفٍ لِوَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْوَاجِبَاتِ فِيمَا ذَكَرَ. وَيُقَوِّي مَرْتَبَةَ الْحَصْرِ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْإِسَاءَةُ مِنْ هَذَا الْمُصَلِّي، وَمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ إسَاءَتُهُ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْصِرْ الْمَقْصُودَ عَلَى مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِسَاءَةُ فَقَطْ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا: فَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِهِ - وَكَانَ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ - فَلَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي وُجُوبِهِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ قُلْنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَذْكُورٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، مِنْ كَوْنِهِ مَوْضِعَ تَعْلِيمٍ. وَقَدْ ظَهَرَتْ قَرِينَةٌ مَعَ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ ذِكْرِ الْوَاجِبَاتِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ فَلَنَا أَنْ نَسْتَدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ لَوْ حُرِّمَ لَوَجَبَ التَّلَبُّسُ بِضِدِّهِ. فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِأَحَدِ أَضْدَادِهِ. وَلَوْ كَانَ التَّلَبُّسُ بِالضِّدِّ وَاجِبًا لَذَكَرَ ذَلِكَ، عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute