للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٤ - الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً إلَى نَجْدٍ فَخَرَجَ فِيهَا، فَأَصَبْنَا إبِلًا وَغَنَمًا، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا بَعِيرًا» .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ أَتَى النَّبِيَّ عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرِهِ]

فِيهِ تَعَلُّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْجَاسُوسِ الْحَرْبِيِّ، وَجَوَازِ قَتْلِهِ، وَمَنْ يُشْبِهُهُ مِمَّنْ لَا أَمَانَ لَهُ، وَأَمَّا كَلَامُهُمَا هَهُنَا عَلَى الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ، وَالْمُسْلِمِ: فَلَا تَعَلُّقَ لِلْحَدِيثِ بِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا تَعَلُّقٌ بِمَسْأَلَةِ السَّلَبِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ غَيْرَ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ بَلْ بِتَنْفِيلِ الْإِمَامِ، لِقَوْلِهِ " فَنَفَّلَنِيهِ "، وَفِي هَذَا ضَعْفٌ مَا، وَفِيهِ دَلِيلٍ - إذَا قُلْنَا بِأَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ - أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ، نَعَمْ، إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُسَمَّى سَلَبًا، وَالْفُقَهَاءُ ذَكَرُوا صُوَرًا فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ، وَتَرَدَّدُوا فِي بَعْضِهَا. فَإِنْ كَانَ اسْمُ " السَّلَبِ " مُنْطَلِقًا عَلَى كُلِّ مَا مَعَهُ، فَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ بَعْضِ الصُّوَرِ.

[حَدِيثُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ سَرِيَّةً إلَى نَجْدٍ فَخَرَجَ فِيهَا فَأَصَبْنَا إبِلًا وَغَنَمًا]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى بَعْثِ السَّرَايَا فِي الْجِهَادِ وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنْهَا عَنْ جَيْشِ الْإِمَامِ يَنْفَرِدُ بِمَا يَغْنَمُهُ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السُّهْمَانَ كَانَتْ لَهُمْ، وَلَا يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمْ شَارَكَهُمْ فِيهَا وَإِنَّمَا قَالُوا بِمُشَارَكَةِ الْجَيْشِ لَهُمْ إذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُ، يَلْحَقُهُمْ عَوْنُهُ، وَغَوْثُهُ إنْ احْتَاجُوا، وَقَوْلُهُ "، وَنَفَّلَنَا " النَّفَلُ فِي الْأَصْلِ: هُوَ الْعَطِيَّةُ غَيْرُ اللَّازِمَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: أَنَّ " الْأَنْفَالَ " الْغَنَائِمُ، وَأَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْغُزَاةِ، لِأَجْلِ التَّرْغِيبِ، وَتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ، أَوْ عِوَضٍ عَنْهَا، وَاخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِي مَحَلِّهِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْخُمُسِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ مِنْ خُمْسِ الْخُمُسِ، وَاَلَّذِي يَقْرُبُ مِنْ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ هَذَا التَّنْفِيلَ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ

<<  <  ج: ص:  >  >>