للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَنَقُولُ: قَوْلُهَا " فَلَا أَطْهُرُ " يُحْمَلُ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، وَكَنَتْ بِاللَّفْظَةِ عَنْ عَدَمِ النَّظَافَةِ الدَّمَ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَمْ يَكُنَّ يَسْتَعْمِلْنَ الْمُطَهِّرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَا هِيَ أَيْضًا عَالِمَةٌ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهَا جَاءَتْ تَسْأَلُ عَنْهُ. فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، ثُمَّ حَقِيقَتُهُ: اسْتِمْرَارُ الدَّمِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَمَجَازُ كَلَامِ الْعَرَبِ، لِكَثْرَةِ تَوَالِيهِ، وَقُرْبِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ.

الْخَامِسُ: قَوْلُهَا " أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ " سُؤَالٌ عَنْ اسْتِمْرَارِ حُكْمِ الْحَيْضِ فِي حَالَةِ دَوَامِ الدَّمِ وَإِزَالَتِهِ، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ: أَنَّ الْحَائِضَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ.

[غَلَبَهُ الدَّمُ مِنْ جُرْحٍ أَوْ انْبِثَاقِ عِرْقٍ] ١

السَّادِسُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَا، إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَتْرُكُهَا مَنْ غَلَبَهُ الدَّمُ مِنْ جُرْحٍ، أَوْ انْبِثَاقِ عِرْقٍ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ " ظَاهِرُهُ: انْبِثَاقُ الدَّمِ مِنْ عِرْقٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ " عِرْقٌ انْفَجَرَ " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ، إنْ كَانَ سَبَبُ الِاسْتِحَاضَةِ كَثْرَةُ مَادَّةِ الدَّمِ وَخُرُوجُهُ مِنْ مَجَارِي الْحَيْضِ الْمُعْتَادَةِ.

[الْحَائِض تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ]

السَّابِعُ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ فِي تَرْكِهَا، وَعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إلَّا الْخَوَارِجُ. نَعَمْ اسْتَحَبَّ بَعْضُ السَّلَفِ لِلْحَائِضِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ: أَنْ تَتَوَضَّأَ وَتَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ. وَتَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ.

[دَمُ الْحَيْضِ] ١

الثَّامِنُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا " رَدٌّ إلَى أَيَّامِ الْعَادَةِ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ: إمَّا مُبْتَدَأَةٌ، أَوْ مُعْتَادَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا: إمَّا مُمَيَّزَةٌ، أَوْ غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَالْحَدِيثُ قَدْ دَلَّ بِلَفْظِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَانَتْ مُعْتَادَةً. لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا " وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ لَهَا أَيَّامٌ تَحِيضُ فِيهَا. وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُمَيَّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ، فَإِنْ ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى التَّمْيِيزِ - لَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ - فَذَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْ يَرَى الرَّدَّ إلَى أَيَّامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>