١٨٥ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ -
ــ
[إحكام الأحكام]
وَثَالِثُهَا: لَا نُسَلِّمُ بِعَدَمِ بَيَانِ الْحُكْمِ. فَإِنَّ بَيَانَهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ بَيَانٌ لَهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ. لِاسْتِوَائِهِمَا فِي تَحْرِيمِ الْفِطْرِ، وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الصَّوْمِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ سَبَبَ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ هُوَ ذَاكَ. وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ: كَافٍ عَنْ ذِكْرِهِ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ. وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَذْكُرْ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ غَيْرَ الْأَعْرَابِيِّ، لِعِلْمِهِمْ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ. وَهَذَا وَجْهٌ قَوِيٌّ.
وَإِنَّمَا حَاوَلُوا التَّعْلِيلَ عَلَيْهِ بِأَنْ بَيَّنُوا فِي الْمَرْأَةِ مَعْنًى يُمْكِنُ أَنْ يُظَنَّ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافُ حُكْمِهَا مَعَ حُكْمِ الرَّجُلِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ النَّاسِ. فَإِنَّهُ لَا مَعْنًى يُوجِبُ اخْتِلَافَ حُكْمِهِمْ مَعَ حُكْمِهِ. وَذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَبْدُوهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ: هُوَ أَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ، كَالْمَهْرِ وَثَمَنِ مَاءِ الْغُسْلِ عَنْ جِمَاعِهِ. فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ.
وَأَيْضًا: فَجَعَلُوا الزَّوْجَ فِي الْوَطْءِ هُوَ الْفَاعِلُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ الْفِعْلُ. وَالْمَرْأَةُ مَحِلٌّ. فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْحُكْمُ مُضَافٌ إلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْفِعْلُ. فَيُقَالُ وَاطِئٌ وَمُوَاقِعٌ. وَلَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ هَذَانِ بِقَوِيَّيْنِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ، وَتَأْثَمُ بِهِ إثْمَ مُرْتَكِبِ الْكَبَائِرِ، كَمَا فِي الرَّجُلِ. وَقَدْ أُضِيفَ اسْمُ الزِّنَا إلَيْهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَدَارُ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
١ -
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: دَلَّ الْحَدِيثُ بِنَصِّهِ عَلَى إيجَابِ التَّتَابُعِ فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ. وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ: أَنَّهُ خَالَفَ فِيهِ.
[مَسْأَلَةُ التَّتَابُع فِي صِيَام الشَّهْرَيْنِ] ١
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِغَيْرِ هَذِهِ الْخِصَالِ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ. وَعَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ: أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَدَنَةَ فِيهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّقَبَةِ وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ. وَقِيلَ: إنَّ سَعِيدًا أَنْكَرَ رِوَايَتَهُ عَنْهُ. بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute