للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ " هَذَا مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ، إذَا كَانَتْ الْبَائِنُ حَائِلًا وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَوْلُهُ " وَلَا سُكْنَى " هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ السُّكْنَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] وَأَمَّا سُقُوطُ النَّفَقَةِ: فَأَخَذُوهُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] فَمَفْهُومُهُ: إذَا لَمْ يَكُنَّ حَوَامِلَ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِنَّ. وَقَدْ نُوزِعُوا فِي تَنَاوُلِ الْآيَةِ لِلْبَائِنِ. أَعْنِي قَوْلَهُ " أَسْكِنُوهُنَّ " وَمَنْ قَالَ: لَهَا السُّكْنَى فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ. فَقِيلَ فِي الْعُذْرِ: مَا حَكَوْهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ " أَنَّهَا كَانَتْ امْرَأَةً لَسِنَةً اسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، فَأَمَرَهَا بِالِانْتِقَالِ ". وَقِيلَ: لِأَنَّهَا خَافَتْ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ. وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ «أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ» .

وَاعْلَمْ أَنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ: أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ مَعَ الْوَكِيلِ بِسَبَبِ سَخَطِهَا الشَّعِيرَ، وَأَنَّ الْوَكِيلَ ذَكَرَ: أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ اقْتَضَى أَنْ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهَا بِمَا أَجَابَ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي: أَنَّ التَّعْلِيلَ بِسَبَبِ مَا جَرَى مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُودِ النَّفَقَةِ لَا بِسَبَبِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي ذُكِرَتْ فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ أَقْوَى وَأَرْجَحُ مِنْ هَذَا الظَّاهِرِ عُمِلَ بِهِ.

وَقَوْلُهُ " فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ " قِيلَ: اسْمُهَا غَزِيَّةُ وَقِيلَ: غُزَيْلَةُ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ عَامِرِيَّةٌ وَقِيلَ: إنَّهَا أَنْصَارِيَّةٌ.

[قَوْلُ النَّبِيّ اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ]

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي» قِيلَ: كَانُوا يَزُورُونَهَا، وَيُكْثِرُونَ مِنْ التَّرَدُّدِ إلَيْهَا لِصَلَاحِهَا. فَفِي الِاعْتِدَادِ عِنْدَهَا حَرَجٌ، وَمَشَقَّةٌ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ الرُّؤْيَةِ: إمَّا رُؤْيَتِهِمْ لَهَا، أَوْ رُؤْيَتِهَا لَهُمْ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى تَحْرِيمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ، أَوْ لَهُمَا مَعًا.

وَقَوْلُهُ " اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ. فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى " قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَرْوِي جَوَازَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّهُ عُلِّلَ بِالْعَمَى وَهُوَ مُقْتَضٍ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ، لَا لِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا. فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الِاعْتِدَادِ عِنْدَهُ: مُعَلَّلٌ بِالْعَمَى الْمُنَافِي لِرُؤْيَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>