للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

فَإِنْ قُلْتَ: الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَا ذَكَرْتَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا ادَّعَيْتَ مِنْ امْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ أَهْلِ قُبَاءَ مُجَرَّدَ الْخَبَرِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ - إنْ صَحَّ - إنَّمَا يَصِحُّ فِي جَمِيعِهِمْ. أَمَّا فِي بَعْضِهِمْ: فَلَا يَمْتَنِعُ عَادَةً أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ.

الثَّانِي: أَنَّ مَا أَبْدَيْتَهُ مِنْ جَوَازِ اسْتِنَادِهِمْ إلَى الْمُشَاهَدَةِ: يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَزَالُوا الْمَقْطُوعَ بِالْمَظْنُونِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ طَرِيقُ قَطْعٍ. وَإِذَا جَازَ إزَالَةُ الْمَقْطُوعِ بِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ جَازَ زَوَالُ الْمَقْطُوعِ بِهِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. فَإِنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي زَوَالِ الْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ.

قُلْتُ: أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ: فَإِنَّهُ إذَا سَلِمَ امْتِنَاعُ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِهِمْ. فَقَدْ انْقَسَمُوا إذَنْ إلَى مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ التَّوَاتُرَ، وَمَنْ يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ الْمُشَاهَدَةَ. فَهَؤُلَاءِ الْمُسْتَدِيرُونَ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ اسْتَنَدَ إلَى التَّوَاتُرِ. فَلَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْخَبَرِ عَلَيْهِمْ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَوْلُهُ " أَهْلُ قُبَاءَ " يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ اسْتَدَارَ مُسْتَنَدُهُ التَّوَاتُرُ. فَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ. قُلْتُ: لَا شَكَّ فِي إمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ مُسْتَنَدُهُمْ الْمُشَاهَدَةُ. وَمَعَ هَذَا التَّجْوِيزِ: لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ، إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ مُسْتَنَدَ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ خَبَرُ التَّوَاتُرِ. وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْبِيهُ وَالْمُنَاقَشَةُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْمُعَيَّنَةِ. وَقَدْ تَمَّ الْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا إثْبَاتُهَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الْمَنْصُوصِ: فَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ إثْبَاتُ جَوَازِ نَسْخِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِلْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ مَقِيسًا عَلَى جَوَازِ نَسْخِ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْمَقْطُوعِ بِهِ مُشَاهَدَةً بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْمَظْنُونِ، بِجَامِعِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي زَوَالِ الْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ. لَكِنَّهُمْ نَصَبُوا الْخِلَافَ مَعَ الظَّاهِرِيَّةِ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ لَمْ يَقُلْ بِهِ. وَالظَّاهِرِيَّةُ لَا يَقُولُونَ بِالْقِيَاسِ. فَلَا يَصِحُّ اسْتِدْلَالُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى الْمُدَّعِي. وَهَذَا الْوَجْهُ مُخْتَصٌّ بِالظَّاهِرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[نَسْخ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ] ١

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: رَجَعُوا إلَى الْحَدِيثِ أَيْضًا فِي أَنَّ نَسْخَ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ جَائِزٌ. وَوَجْهُ التَّعَلُّقِ بِالْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْمُخْبِرَ لَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ " أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ "

<<  <  ج: ص:  >  >>