٤٠٩ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَلْمُهُ يَدْمَى: اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
الثَّانِي، أَوْ حَالُ مَنْ يُقَارِبُهُمْ فِي الْمَعْنَى. وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ: فَإِشْكَالُهُ مِنْ كَلِمَةِ " أَوْ " أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَدْ يُشْعَرُ بِأَنَّ الْحَاصِلَ: إمَّا أَجْرٌ، وَإِمَّا غَنِيمَةٌ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا حَصَّلْنَا الْغَنِيمَةَ: يُكْتَفَى بِهَا لَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَقِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا: بِأَنَّ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَكَأَنَّ التَّقْدِيرَ: بِأَجْرٍ، وَغَنِيمَةٍ وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ - فَفِيهِ إشْكَالٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْنَى يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْأَمْرَيْنِ: كَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي الضَّمَانِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ أَمْرَيْنِ لِهَذَا الْمُجَاهِدِ إذَا رَجَعَ مَعَ رُجُوعِهِ، وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ، بِأَنْ يَتْلَفَ مَا حَصَّلَ فِي الرُّجُوعِ مِنْ الْغَنِيمَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُتَجَوَّزَ فِي لَفْظَةِ " الرُّجُوعِ إلَى الْأَهْلِ " أَوْ يُقَالَ: الْمَعِيَّةُ فِي مُطْلَقِ الْحُصُولِ، لَا فِي الْحُصُولِ فِي الرُّجُوعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ: أَوْ أَرْجِعَهُ إلَى أَهْلِهِ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ، وَحْدَهُ، أَوْ غَنِيمَةٍ، وَأَجْرٍ فَحَذَفَ " الْأَجْرَ " مِنْ الثَّانِي، وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ إنَّمَا تَشْكُلُ إذَا كَانَتْ بَيْنَ مُطْلَقِ الْأَجْرِ، وَبَيْنَ الْغَنِيمَةِ مَعَ الْأَجْرِ وَأَمَّا مَعَ الْأَجْرِ الْمُفِيدِ بِانْفِرَادِهِ عَنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا.
[حَدِيثُ مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى]
" الْكَلْمُ " الْجُرْحُ، وَمَجِيئُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ سَيَلَانِ الْجُرْحِ فِيهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: الشَّهَادَةُ عَلَى ظَالِمِهِ بِالْقَتْلِ.
الثَّانِي: إظْهَارُ شَرَفِهِ لِأَهْلِ الْمَشْهَدِ وَالْمَوْقِفِ بِمَا فِيهِ مِنْ رَائِحَةِ الْمِسْكِ الشَّاهِدَةِ بِالطِّيبِ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَشْيَاءَ مُتَكَلَّفَةً، غَيْرَ صَابِرَةٍ عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْهَا: أَنَّ الْمُرَاعَى فِي الْمَاءِ: تَغَيُّرُ لَوْنِهِ، دُونَ تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى هَذَا الْخَارِجَ مِنْ جُرْحِ الشَّهِيدِ " دَمًا "، وَإِنْ كَانَ رِيحُهُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَلَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute