١٤١ - الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ وَ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَاقِعَةً قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ خُطْبَتَاهَا، أَوْ بَعْضُهُمَا، وَاللَّفْظُ الثَّانِي هَذَا: يُبَيِّنُ أَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ " وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ " لَا يَنْفِي أَصْلَ الظِّلِّ، بَلْ يَنْفِي ظِلًّا يَسْتَظِلُّونَ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ، وَلَمْ يُجْزَمْ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ بِالْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ دَائِمًا. وَإِنَّمَا كَانَ يَقْتَضِي ذَلِكَ مَا تُوُهِّمَ لَوْ كَانَ نَفَى أَصْلَ الظِّلِّ، عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحِسَابِ يَقُولُونَ: إنَّ عَرْضَ الْمَدِينَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، أَوْ مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ. فَإِذًا غَايَةُ الِارْتِفَاعِ: تَكُونُ تِسْعَةً وَثَمَانِينَ. فَلَا تُسَامِتُ الشَّمْسُ الرُّءُوسَ. فَإِذَا لَمْ تُسَامِتْ الرُّءُوسَ لَمْ يَكُنْ ظِلُّ الْقَائِمِ تَحْتَهُ حَقِيقَةً، بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ظِلٍّ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: نَفْيَ أَصْلِ الظِّلِّ. وَالْمُرَادُ: ظِلٌّ يَكْفِي أَبْدَانَهُمْ لِلِاسْتِظْلَالِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُ الصَّلَاةِ وَلَا شَيْءٍ مِنْ خُطْبَتَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ. وَقَوْلُهُ " نُجَمِّعُ " بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ، أَيْ نُقِيمُ الْجُمُعَةَ. وَاسْمُ " الْفَيْءِ " قِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالظِّلِّ الَّذِي بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى مُطْلَقِ الظِّلِّ فَمَجَازٌ. لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ، وَذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ.
[حَدِيثُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّجْدَةَ]
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ.
وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلْإِمَامِ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، خَشْيَةَ التَّخْلِيطِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. وَخَصَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْكَرَاهَةَ بِصَلَاةِ السِّرِّ. فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ. وَفِي الْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ دَائِمًا أَمْرٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى الْجُهَّالَ إلَى اعْتِقَادِ أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ. وَمِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ: حَسْمُ مَادَّةِ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute